بقلم الأستاذ حميد طولست
في ظلِّ تسارع عقارب المشهد السياسي
المغربي نحو موسم انتخابي جديد، تتعالى أصوات الترقب، بعضها مُفعم بالأمل، وبعضها
الآخر مثقل بالتجارب. وفي خضم هذا الحراك، تبرز مقالة رضوان الرمضاني كصفعة ناعمة
في شكلها، حادة في مضمونها، موجهة نحو ما أسماه أكبر "عملية نصب سياسي"
عرفها المغرب: تجربة حزب العدالة والتنمية.
بعيدا عن الجدل الإيديولوجي الذي سئمه
الجميع، يصرّ الرمضاني على تعرية التجربة لا من خلال شعاراتها، بل من خلال ما
تبقّى منها بعد خفوت الأضواء: لا مشروع، لا رؤية، لا أثر. فقط "نفسية"
كبيرهم عبد الإله ابن كيران، التي تحوّلت إلى بوصلة الحزب وأساس خطابه السياسي.
البيجيدي، في تحليله، لم يكن حزبًا
بقدر ما كان ظاهرة صوتية، كُتب لها أن تُمتحن في الواقع، فاختارت أن تترك ورقة
الامتحان فارغة، ثم تغادر القاعة مرددة: "ما خلّاوناش نقلّو!"، وهي حجة
قد تصلح في فصول الدراسة، لكنها لا تشفع في دهاليز الحكم.
وإن كان من شيء يُحسب للحزب، فهو قدرته
العجيبة على تحويل كل نكسة إلى نكتة، وكل مأزق إلى ملهاة، وسط تصفيق جماهير تُبجل
الخطابة على الإنجاز، وتستأنس بالصراخ أكثر من الحوار وما زاد الطين بلّة، أن
الحزب لم يكتفِ بالفشل، بل راح يحمّل خصومه مسؤولية فشله، مرددا عقدة اسمها
"أخنوش"، وكأن البلاد لم تشهد قبله ولا بعده من الفاعلين غير هذا الاسم.
في بلد يُقبل على تحديات اقتصادية
واجتماعية معقّدة، يبدو أن حزب العدالة والتنمية لا يزال عالقًا في ماضيه، يرفض
الفطام من مرحلة كان فيها صانع الحدث. واليوم، لا يتوانى في إعادة إنتاج ذاته من
خلال هياج انتخابي يُشبه ما قبل العاصفة: كثير من الضجيج، قليل من المعنى.
وفي عبارة شهيرة لزعيمه السابق، قال
ابن كيران: "عيّطو للدولة!"، وكأن الحكم مجرد مكالمة فائتة. أما اليوم،
وقد وهن الصوت وانقطع "الريزو"، فصارت رسالته الأبلغ: "Appelle-moi stp".
هكذا تتحول السياسة إلى مادة للفكاهة، ويُصبح الحزب الذي وعد بالإصلاح عنوانًا للضياع السياسي. إنه العبث، لكن بنكهة رسمية.