adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/04/02 - 10:15 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

مارين لوبان مثالا.

أثار الحكم الصادر في حق مارين لوبان وعدد من السياسيين في فرنسا، والقاضي بسجنهم لمدد تصل إلى أربع سنوات بسبب استغلال غير قانوني للمال العام، حالةً من الجدل حول مدى صرامة الأنظمة القضائية في التعامل مع قضايا الفساد. في فرنسا، يبدو واضحًا أن القانون لا يجامل، ومن يعبث بالمال العام يدفع الثمن غاليًا، بغض النظر عن منصبه السياسي أو انتمائه الحزبي.

في المقابل، نجد أن المشهد في المغرب مختلف تمامًا. فقد كشف أحد الوزراء عن استفادة برلمانيين وسياسيين من 13 مليار سنتيم من المال العام دون أي محاسبة تذكر، بل إن هؤلاء السياسيين يستعدون لخوض انتخابات جديدة بدل أن تتم مساءلتهم قانونيًا. هذه المفارقة الصارخة بين البلدين تطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدية المغرب في محاربة الفساد وتحقيق العدالة، التي لم يعد "الرأي يقبل أن يُعامَل كجمهور مستهلك"، كما صريح بذلك محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في إشارة إلى تزايد وعي المواطنين بحقهم في المساءلة والشفافية ، في ظل هذه المطالب المتزايدة، تجد الحكومة نفسها أمام اختبار حقيقي لإثبات عكس ما يتهمها به المجتمع من تواطؤ أو تهاون في محاسبة الفاسدين.

الإشكالية القانونية أثارتها تصريحات رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، حول دعم مستوردي الأبقار والأغنام أشعلت الجدل والوسع، خصوصًا فيما يتعلق تضارب المعطيات وغياب الشفافية حول عدد المستفيدين وحجم الدعم المالي الممنوح. حيث أشار إلى أن عدد المستفيدين بلغ 100 مستورد، بدلًا من 18 كما كان متداولًا، وأن قيمة الدعم وصلت إلى 300 مليون درهم. ولكن يظل السؤال المطروح: لماذا لم يتم نشر لائحة المستفيدين وشروط الاستفادة؟

التعتيم الحكومي على أسماء المستفيدين الذي  يتعارض مع الفصل 27 من الدستور المغربي والقانون 31.13 المتعلق بالحق في المعلومة، الذي ينص على وجوب كشف الجهات العامة عن المعلومات ذات الطابع الاقتصادي والمالي. كما أن غياب الشفافية في توزيع هذا الدعم يثير شبهات حول احتمال وجود محسوبية أو استغلال للمال العام، وذلك حسب القرائن الداعمة لتلك لشكوك:

ارتفاع أسعار اللحوم رغم الدعم، ما يناقض الهدف المعلن منه.

انتشار أخبار غير مؤكدة حول تورط شخصيات سياسية مرتبطة بحزب معروف في الاستفادة من هذا الدعم، الذي ذهب إلى كبار المستوردين دون تحقيق هدف خفض الأسعار ما عزز إشكالية هدر المال العام وضرورة المساءلة  وأثار تساؤلات الادعاء حول: معايير وشروط منح الدعم. ومدى مراقبة التزام المستفيدين بتطبيق شروط الدعم.

 

 الجانب القانوني:

      الفصل 241 من القانون الجنائي المغربي يعاقب على تبديد المال العام.

      المحكمة المالية مسؤولة عن مراقبة التصرف في الأموال العامة.

      قانون المسطرة الجنائية يسمح بفتح تحقيقات قضائية عند وجود مؤشرات على فساد أو استغلال للمال العام.

التعتيم الحكومي وتأثيره على الثقة العامة

تصريحات بعض المسؤولين بأن "هذا شغلنا حنا" تعكس نهجًا قديمًا في التعامل مع المال العام، يتناقض مع مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة. ويواجه هذا الأسلوب رفضًا متزايدًا من الرأي العام، الذي يطالب بمحاسبة المسؤولين وكشف المستفيدين من الدعم الحكومي.

الحلول المقترحة

إجبارية نشر المعلومات: يجب على الحكومة نشر لائحة المستفيدين عبر الجريدة الرسمية أو المنصات الرقمية للشفافية.

فتح تحقيق برلماني: تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في مجلس النواب حول ملف دعم المستوردين.

تدخل القضاء: مطالبة النيابة العامة بفحص شبهات الفساد أو المحسوبية في منح الدعم.

الخاتمة: نحو مساءلة فعلية

القضية ليست مجرد جدل حول أرقام، بل تمس جوهر مصداقية المؤسسات الحكومية ومدى تواطئها مع المصالح الخاصة. إن استمرار نهج التعتيم وعدم المساءلة سيؤدي إلى فقدان الثقة العامة في الدولة ومؤسساتها. ومن ثم، فإن المطلوب اليوم هو:

فتح تحقيق قضائي عاجل.

إصلاح تشريعي يُجرّم التعتيم على المعلومة المالية.

تعزيز الضغط الإعلامي والمجتمعي لضمان الشفافية والمساءلة.

إن الرأي العام المغربي لم يعد يرضى بأن يكون مجرد متفرج على الفساد، بل أصبح شريكًا في محاربته، وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تستوعبها الحكومة إذا أرادت الحفاظ على ثقة المواطنين.