adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/04/12 - 9:50 ص

 في المغرب، لا تزال المأذونيات أو ما يُعرف بـ"لكريمات" تمثل أحد أبرز مظاهر اقتصاد الريع، حيث تُمنح امتيازات استغلال وسائل النقل العمومي، كسيارات الأجرة، لأشخاص لا يزاولون أي نشاط مهني فعلي في المجال؛ بل يكتفون بتأجير هذه الامتيازات مقابل دخل شهري مضمون، دون أي جهد أو عائد حقيقي على خزينة الدولة.

فاس كنموذج حي

في مدينة فاس، واحدة من أكبر الحواضر المغربية، يتجلى هذا الواقع بشكل صارخ، فقد بلغ سعر كراء المأذونية الواحدة (رخصة استغلال سيارة أجرة) حوالي 6000 درهم شهريا، موزعة بين ما يسمى بالحلاوة والمبلغ الشهري المتفق عليه، تُدفع من طرف السائق المهني – أو ما يعرف في التعبير الشعبي بـ"التاعس" – إلى صاحب الرخصة، الذي لا يحرك ساكنا – "الناعس".

هذا السائق، يشتغل لساعات طويلة يوميا لتغطية تكلفة الكراء، مصاريف الوقود والصيانة، وتأمين القوت اليومي، بينما يستفيد صاحب المأذونية من مدخول شهري دون أي مجهود.

أين الدولة من كل هذا؟

ما يزيد من غرابة هذا النظام هو غياب أي استفادة فعلية لخزينة الدولة من هذه الامتيازات، فالمداخيل تذهب مباشرة إلى جيوب المنتفعين، دون أي مقابل ضريبي يُذكر أو إعادة استثمار في القطاع، والأسوأ أن هذه المأذونيات غالبا ما تُمنح لأشخاص ليسوا في حاجة فعلية إليها، بعضهم من ذوي النفوذ أو الشخصيات المعروفة، والبعض الآخر بستغلها بالوراثة، في الوقت الذي يعاني فيه عدد كبير من المواطنين من البطالة والفقر.

دعوات للإصلاح... ولكن؟

رغم تواتر الدعوات، سواء من طرف هيئات مدنية أو أصوات سياسية، لإصلاح هذا النظام وتعويضه بمنظومة عادلة وشفافة، تقوم على تأهيل الكفاءات المهنية ومنح الرخص بناء على معايير الاستحقاق والحاجة الاجتماعية، إلا أن التغيير ما يزال بطيئا، وربما مُقاوَما من أطراف مستفيدة.

خلاصة

نظام المأذونيات بصيغته الحالية لا يخدم العدالة الاجتماعية ولا يُحفز الاقتصاد المحلي. بل يُكرس منطق الريع، ويُرهق السائقين المهنيين، الذين يُفترض أن يكونوا عماد قطاع النقل.

فهل آن الأوان لإعادة النظر في هذا النظام، واعتماد سياسات عادلة تضع حدا لهذا التفاوت الصارخ بين "التاعس" و"الناعس"؟.