adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/03/03 - 11:28 ص

بقلم عبد الحي الرايس

تُذَكِّرُ بالثورة الكوبرنيكية التي صححت نظرية كانت سائدة تجعلُ الأرضَ مَركزاً والشمس تدور حولها، فأثبتت أن العكس هو الصحيح، وكان لذلك تداعياتٌ وانعكاساتٌ شتَّى غيَّرت كثيراً من المفاهيم، وصارت نموذجاً ومرجعية تُصحِّح المسار، وتنقل الاهتمامَ من مركز افتراضي إلى مركز واقعي وعملي.

وهي ذي الثورة السمكية تُبَشِّرُ بالتغيير الذي طال تَرَقُّبُهُ والمطالبة به، فجاءت تُصحِّحُ ما ظل سائداً من أن الشعب يدور في فلك حكومةٍ تُسَوِّغُ الغلاء، وتُوجِدُ أسباباً شتى لارتفاع الأسعار، وتُبْقِي على وضعٍ ظل قائماً ولا يزداد إلا تفاقماً، فهي بأغلبيتها تَسُنُّ القوانين، وعليه المسايرة والانصياع، ولا عليها في مطالب المحرومين والجياع، مادام مِنْ حولها مُستفيدون من الولاءاتِ والمواقع، وَمُغْتنُون من الريعِ والمكاسِب.

جاءت المفاجأة بنقل بيع نفس السمكة من عشرين وثلاثين إلى خمسة بنفس السلسلة التجارية والسلامة الصحية، فأحدثتِ الرَّجَّة، وأذْهبتِ الغفلة، ونَبَّهَتْ إلى أن بإمكان بَلَدٍ له بَحْران، وأراضٍ خصبة، وخيرات باطنية، أن ينعم شعبُه بالرَّخاء، ويقتاتَ بُسَطاؤه رغم تعاقُبِ سنواتِ الجفاف.

ولولا الحكمة وبُعْدُ النظر لَصُودِرَتِ السمكة وأُغْلِقَ الْمَحَلّ، ولكنَّ النَّصَفَة أوْجَبت الاهتمام، وأعادت الأمل في تدارك ما فات.

وإذا بباب الأثرة والتَّصَامُم ينغلق، وباب الإيثار وحسن الإصغاء ينفتح، لِيُعيدَ الأمل في تَحَوُّلٍ ينقل مركز الاهتمام إلى بلد يُنتج الخيرات، وشعب يُنجِبُ العبقريات لتدور في فلكه حكومة تُصْغِي إلى مطالبه، وتسعى إلى إنصافه ومرضاته، فتسهر على إقامة العدل والإنصاف فيه، وتحسين ظروف معيشته، وتقويم مسار تعليمه وصحته، وتيسير أسباب ارتقائه واستدامة تنميته.

وهي مَطالبُ مُجْمَلة، وتَحوُّلاتٌ مُرتقبَة، ولن يُنقذ البلاد من عثرتها، ويُخلصَها على سلم التنمية من تدني رُتبتها غيرُ الانتقال بها إلى حكومة في خدمة الشعب بدلا من الإبقاء عليها شعباً يَدُورُ في فلك الحكومة.