بقلم الأستاذ حميد طولست
قضية الطفلة
ملاك –التي كان من الطبيعي أن تكون بين أحضان أسرتها ، بدل تواجدها بمركز لحماية
الطفولة مسلوبة الحرية – هي مثال واضح على هذه الظاهرة. فبمجرد أن تم تداول خبر
اعتقالها، سارع البعض إلى التنديد بالواقعة واعتبارها ظلمًا في حق قاصر تبلغ من
العمر 13 سنة، وذلك قبل أن يتضح الخيط الأبيض من الأسود في الملف ، الذي أظهرت
المعطيات الرسمية، أن المعنية بالأمر تبلغ من العمر 15 سنة وتتابع دراستها في
المرحلة الثانوية. كما ادعى البعض أنها محتجزة في سجن عكاشة مع البالغين، بينما هي
في الواقع بمركز رعاية الطفولة عبد السلام بناني.
الأمر لم
يتوقف عند التهويل في عمر الفتاة أو ظروف احتجازها، بل تم أيضًا الترويج لفكرة
أنها اعتقلت فقط لأنها قامت بشراء غرض من متجر، في حين أن الوثائق الرسمية توضح
أنها تواجه تهماً خطيرة، من بينها إهانة مؤسسات دستورية، بالإضافة إلى التورط المباشر
في مكالمات الابتزاز ضد المشتكية. وقد أظهرت التحريات أن الهاتف الذي كانت ترد منه
على المكالمات، إلى جانب المحجوزات الهاتفية، وُجد في غرفة نومها.
هذه القضية
ليست سوى نموذج لما يحدث يوميًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يصبح كل حدث
مادة خصبة للتأويلات غير المستندة إلى أدلة، ويشارك البعض في موجة التهييج دون
تمحيص أو تثبت. إن التسرع في الحكم، وتجاهل المعطيات الرسمية، والانخراط في حملات
افتراضية غير مدروسة ، لا يؤدي سوى إلى تشويه الحقائق، والإضرار بسمعة الأفراد
والمؤسسات.
لذا، بات من
الضروري التحلي بالحذر والمسؤولية عند التعامل مع القضايا المنشورة على الإنترنت،
والاعتماد على مصادر موثوقة قبل التسرع في إصدار الأحكام. فحرية التعبير حق مكفول،
لكن استخدامها دون وعي قد يحوّلها إلى أداة تضليل بدل أن تكون وسيلة لنشر الحقيقة.