adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/03/12 - 5:49 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

قراءة في موقف وهبي من دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد.

في نقاش مثير للجدل خلال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المسطرة الجنائية، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي رفضه القاطع لأي تعديل على المادة الثالثة، التي تمنع جمعيات حماية المال العام من رفع الشكايات ضد المتورطين في قضايا الفساد. وقد برر الوزير موقفه باتهام هذه الجمعيات بأنها أكثر فساداً من الجهات التي تدعي محاسبتها، مؤكداً عزمه على إحالة بعض الأسماء على النيابة العامة للتحقيق في مصادر تمويلها.

يطرح موقف الوزير وهبي عدة تساؤلات حول مدى صحته أو خطئه. فمن جهة، يمكن تفهم رغبته في وضع حد لما قد يعتبره استغلال بعض الجمعيات لقضايا الفساد لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية، خاصة إذا كانت بعض هذه الجمعيات تفتقر إلى الشفافية في مصادر تمويلها.

لكن من جهة أخرى، فإن منع جمعيات حماية المال العام من تقديم الشكايات ضد المتورطين في الفساد قد يمثل انتكاسة كبيرة في جهود مكافحة الفساد، خاصة في ظل ضعف آليات الرقابة والمساءلة داخل المؤسسات الرسمية. إذ تلعب هذه الجمعيات دوراً مهماً في إثارة الانتباه إلى قضايا الفساد التي قد لا تصل إلى القضاء لولا تدخلها.

تصريح الوزير بأن "ترديد شعارات الفساد سهل" يحمل في طياته نوعاً من التقليل من خطورة الظاهرة. فالفساد في المغرب ليس مجرد شعار، بل واقع تؤكده التقارير الوطنية والدولية، وله تأثير سلبي مباشر على التنمية والاقتصاد وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة. ومنع المجتمع المدني من لعب دوره في الرقابة قد يزيد من الشعور بالإفلات من العقاب.

أما قوله "إذا كنا كلنا متسخين لماذا صوتم علينا؟" فهو تساؤل يستحق التأمل. فالناخبون لا يصوتون دائماً عن قناعة كاملة، بل في كثير من الأحيان بحكم غياب بدائل مقنعة أو بسبب وعود انتخابية سرعان ما يتم التخلي عنها.

إن رؤية وزير العدل عبد اللطيف وهبي بخصوص المادة الثالثة تحمل بعدين متناقضين: الأول مشروع إذا كان يستند إلى أدلة حقيقية على فساد بعض الجمعيات، والثاني مقلق إذا كان يهدف إلى الحد من دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد. جمعيات حماية المال العام لذا، فإن التحدي الحقيقي يكمن في تعزيز آليات الشفافية والمساءلة، بدل اتخاذ إجراءات قد تُفسر على أنها حماية غير مباشرة للفاسدين. فإذا كان هناك فساد داخل بعض الجمعيات، فإن الحل ليس بمنعها من التبليغ عن الفساد، بل بإخضاعها هي أيضاً للرقابة والمحاسبة بنفس الصرامة التي نطالب بها المسؤولين العموميين.