adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/23 - 11:02 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

شهدت المملكة المغربية مؤخرًا عملية أمنية جديدة تضاف إلى سجلها الحافل في مكافحة الإرهاب، حيث تمكنت المصالح الأمنية من توقيف ثلاثة عشر شخصًا مواليا لتنظيم داعش الإرهابي في عشر مدن مغربية. وتأتي هذه العملية ضمن الجهود المستمرة التي تبذلها السلطات المغربية لمواجهة الإرهاب وتداعياته، وذلك عبر تبني سياسة استباقية مدعومة بتشريعات قانونية موازية وجهود متواصلة انخراط فيها المغرب مند عام 2003، حيث نجحت السلطات الأمنية  في تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية، وإحباط العديد من المخططات التخريبية ، التي بلغت وفقًا للبيانات الرسمية ما مجموعه 2009 خلية إرهابية منذ سنة 2002، وإيقاف أكثر من 3535 شخصًا، وإحباط ما يزيد عن 500 مشروع تخريبي. ما يعكس مدى فاعلية الأجهزة الأمنية المغربية ، التي جعلت منها نموذجًا يُحتذى به في مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، والذي تستحق عليه كل الشكر والتقدير.

ومع ذلك وعلى الرغم من أهمية المقاربة الأمنية، فإن القضاء على الإرهاب لا يقتصر على تفكيك خلاياه النائمة فحسب، بل يتطلب اجتثاث جذوره الفكرية والثقافية وتجفيف منابع تدفق التطرف ، الهدف الذي لن يتحقيق إلا بتطوير آليات تدبير الشأن الديني، ومنع استغلاله من قبل الجماعات المتطرفة .

ووضع قيود على المفاهيم أو الأفكار التي تتعارض مع القيم الإنسانية وتعاليم القرآن، ومراجعة مصادرها الدينية في إطار رؤية أكثر شمولية وانفتاحًا على التسامح وقبول التنوع الديني والفكري الحجر الأساس في الحد من النزاعات الطائفية وتعزيز القيم الروحية الصحيحة التي تساهم  في بناء مجتمع أكثر وعيًا وانفتاحًا على الآخرين.

وإلى جانب دورالجهود الدينية والثقافية المهمة في مكافحة التطرف ، تظل القوانين الصارمة أداة حاسمة في محاربة الإرهاب، وذلك بمحاسبة كل من يبرر أو يشيد أو يروج لأي شكل من أشكال الإرهاب بأي وسيلة كانت. ولا يجب التهاون مع المحرضين على العنف أيا كانوا، وخاصة رجال الدين الذين يسهم الكثير منهم في نشر التطرف بفتاواهم وتأويلاتهم المشبوهة. وتفسيراتهم الدينية الضيقة ، التي تلحق الأضرار الجسيمة بصورة الإسلام، الذي اتخذه بعض رجال الدين، لتخدير المجتمعات عبر نشر الخرافات، بدلًا من دعم العلم الحديث والتقدم الفكري ما يستدعي إعادة النظر في دورهم داخل المجتمع، وإعادتهم إلى مكانتهم الطبيعية بعيدًا عن التأثير السلبي على مسيرة الأمة.

وتبقى مسألة مكافحة الإرهاب مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع، من خلال العمل على جميع المستويات الأمنية، والثقافية، والدينية، والقانونية ، التي انخرط فيها المغرب، بسياساته الاستباقية ووعيه بأهمية المعالجة الشاملة، ويواصل السير فيها بثبات نحو اجتثاث الإرهاب من جذوره، ليكون نموذجًا يُحتذى به في تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة الفكر المتطرف.