adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/27 - 9:50 ص

عبدالإله الوزاني التهامي

نسج سيدي التهامي الوزاني بعد انفتاحه على العالم الخارجي (خارج البيت والزاوية) علاقات نوعية متعددة عموديا وأفقيا، لامست كل الشرائح الاجتماعية وبذلك كون ذاته علميا وحصن نفسه روحيا وفرض ذاته فكريا وأخلاقيا، نذكر عينات من تلك العلاقات:

- الفقيه أحمد بن حمزة: كتب له أن يتعلم على يديه الكتابة والقراءة، وكان هذا الفقيه بالنسبة للتهامي الوزاني «مثال الكمال في كل شيء» و«عظيم الهمة»، ويقول عنه أيضا أنه كان من أصهارنا ومن المحبين في والدنا وجدنا».

- أحمد الفتوح: عقب احتلال الجيش الإسباني مدينة تطوان، هاجر الفقيه أحمد بن حمزة تجاه مدينة طنجة للاستقرار بها، فكانت هذه الهجرة سببا في انتقال الوزاني إلى مسيد أحمد الفتوح ليواصل معه القراءة والكتابة، وقد اعتنى هذا الأخير به عناية كبيرة.

- ابن الأبار: باتصاله بالفقيه ابن الأبار سيحقق الوزاني طفرة نوعية ارتقى بها فكره نحو الأمام، وقد ساعده على المضي قدما في هذا الدرب أن أستاذه ابن الأبار كان حسن العبارة، يتكلم كلاما لو حاول الرجل أن يكتبه لفعل». وقد اعترف الوزاني بأن دراسة المنطق على العلامة ابن الأبار لم يحضره إلا الخواص من الطلبة والتلاميذ، ويذكر أن رفاقه تعجبوا «من اقتحامي هذا المركب الصعب وصارحوني بأن لا طاقة لي بدراسة المنطق»، رغم ذلك فقد واصل الوزاني دراسته بإرادة لا تلين وبعزيمة لا تقهر.

انتقل إذن الوزاني من المسيد حيث تعلم الكتابة والقراءة إلى المسجد حيث درس علم المنطق في المسيد كان ينادي مدرسه بالفقيه، وفي المسجد كان ينادي أستاذه الآخر بالعلامة نظرا لتفاوت المقامين.

- الفقيه الرهوني: وقبل التحاق الوزاني بالزاوية الحراقية بصفة نهائية، جالس الفقيه الرهوني بالمسجد الجامع بحومة (العيون) بتطوان، حيث كان يلقي هذا الأخير دروسا في الألفية إثر صلاة الظهر، زمن العطلة الصيفية. وكان الوزاني معجبا بهذا الأستاذ، ويلقبه في كثير من الأحيان بالشيخ العلامة، رغم علمه بمعارضة الرهوني للطريقة الحراقية بالذات وبالصوفية عموما، لكنه بعد نضجه هجر دروسه بإيعاز من شيخه الحراق بعدما التحق بالزاوية، «فأصبح بذلك يعادي من يعادي الزاوية ويصادق من يصادقها ».

- الفقيه المرير: وبما أن درس الفقيه المرير كان أقرب إلى حلقة الذكر من مجالس العلم»، فقد اعترف التهامي الوزاني بأنه كان يجد فيه «متعة وذكرى وناديا»، وقد أجاز له الشيخ الحراق حضور هذه الدروس وكان شديد الخوف عليه من اتصال «جديد أشم فيه هواء الطقس القديم"، وكان يعتقد الوزاني في المرير أنه «من أهل الحجة».

إلى جانب العلاقات التي نسجها التهامي الوزاني مع هؤلاء الفقهاء والمدرسين، فإننا نجد له روابط مهمة مع رواد الأدب والسياسة على الصعيدين المحلي والوطني، كما نجده قد عقد علاقات مهمة مع عناصر متعددة من العائلات التطاونية وخاصة في فضاءات الزاوية الحراقية باعتبارها -آنذاك- ناديا جامعا ومكانا ساميا جليلا، تسود بين أفراد مريديه روابط عقدية تشخص الولاء لسلطة معنوية وفكرية ذات أثر في الحث على الولاء والطاعة لرمز يهدف إلى تعميم مشروع تربوي، أخلاقي واجتماعي.

 "إن الزاوية رباط يصنع ويعيد صناعة رجال، وينتج علاقات التضامن والحوار والتعايش والمودة والتعاون بين شتى الشرائح والطبقات"، ومن ثم تمكن التهامي الوزاني من التموقع على رأس نخبة تطوان والنواحي العلمية والفكرية والسياسية، دون منازع، حيث أنه برع في مجالات العلم والأدب والسلوك، فضلا عن أخلاقه السامية النبيلة التي تسري في سلوكاته وتصرفاته سريان الدم في العروق. يتبع...