adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/01/24 - 5:18 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

تهديد الناشط الأمازيغي أحمد عصيد بالذبح ، نموذجا.

أصدرت غرفة الجنايات المكلفة بقضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط حكمًا يقضي بالسجن النافذ لمدة سبع سنوات بحق طالب جامعي، وذلك بعد إدانته بتهمة تهديد الناشط الأمازيغي أحمد عصيد بالذبح.

ربما يقول قائل بأن الحكم كان قاسيًا بالنظر إلى سياق تعليق الطالب الذي لم يكن يدرك تبعات ما كتبه، الحكم الذي أصر القضاء على اعتباره تهديدًا مباشرًا يتعارض مع قيم السلم الاجتماعي ويعزز مناخ الكراهية، خاصة أن أحمد عصيد كان قد تعرض سابقًا لانتقادات لاذعة من جهات متعددة بسبب آرائه في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير ، القضية التي أثارت الجدل وطرحت تساؤلات مهمة حول حدود حرية التعبير في العصر الرقمي، ومدى التوازن بين الحق في التعبير عن الرأي والالتزام بعدم انتهاك حقوق الآخرين، وتأثير ذلك على فرض احترام الحوار العقلاني والبعيد عن العنف اللفظي و التهديدات بكل اشكالها في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة رئيسية للتعبير.

صحيح أن التعبير عن الرأي أصبح في عالم اليوم، من الحقوق الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، لكنه ليس بحق مطلق، ويقتضي احترام حقوق الآخرين وحرياتهم ، حيث أنه رغم اعتبار حق التعبير عن الرأي حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، الذي يتيح للأفراد طرح أفكارهم ومناقشتها بحرية،  لكنه حق يقابله واجب عدم التعدي على الآخرين، سواء بالمساس بكرامتهم أو بالتهديد أو نشر خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والذي يحمل في طياته مخاطر قانونية تؤدي إلى دعاوى قضائية بتهم عديدة مترتبة على التعليقات المنحرفة عن حدود اللياقة والمسيئة لاحترام الآخر ، أو المتضمنة لتهديدات صريحة أو ضمنية والتي تُعد جريمة جنائية تعرض صاحبها للمساءلة القانونية في معظم القوانين ، كالتشهير أو القذف أو استخدام العبارات المسيئة لسمعة الأغيار، أو التحريض والتهديد بالعنف ضد فئات أو أشخاص بناءً على العرق أو الدين أو الجنس.

وتبقى وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشارها الكبير كمنصة رئيسية للتعبير وأداة فعالة للتواصل ، في حاجة إلى استخدام مسؤول يراعي الحقوق ويُعزز قيم الحوار السلمي والتوازن العقلاني بين حرية التعبير واحترام حقوق الآخرين ، الذي ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو ضرورة اجتماعية وأخلاقية ، يتطلب تحقيقه بيئة تتيح الحوار العقلاني البنّاء، المعزز لمناخ الاحترام المتبادل بين الأفراد ، إلى جانب الإجراءات العملية الأخرى التي من بينها :

1ـ: نشر الوعي بالقوانين التي تحكم التعبير عبر الإنترنت، وتوضيح حدود الحرية والمسؤولية.

2ـ تعزيز القوانين الفعّالة لردع الاستخدام غير المسؤول لوسائل التواصل.

3ـ تشجيع الحوار البناء من خلال المبادرات النقاشات التحفيزية الهادفة بدلاً من الهجوم الشخصي و التهديدات والردود الانفعالية اللفظية التي لا تُشجع على التفكير النقدي وتؤدي إلى تصعيد النزاعات.