كشف بعض مستشاري ترامب عن خطة الرئيس
المنتخب للسلام بين روسيا وأوكرانيا، وذلك أسابيع قليلة من تنصيبه رئيسا للولايات
المتحدة، حيث تصمنت تلك الخطة، تنازل أوكرانيا عن أجزاء كبيرة من أراضيها لصالح
روسيا.
وفي يونيو الماضي، بدأت خطة ترامب
للسلام تظهر ملامحها، إذ اقترح الجنرال كيث كيلوج وفريد فليتز، اللذان قدما هذه
الخطة لترامب خلال رئاسته الأولى، خفض المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا ما
لم تدخل في محادثات السلام.
وفي أعقاب ذلك، جاءت الخطوة الثانية في
سبتمبر الماضي، إذ اقترح نائب الرئيس المنتخب، جيه دي فانس، تمسك روسيا بمكاسبها
الحالية كشرط للسلام، وأن بقية أوكرانيا ستبقى دولة مستقلة ذات سيادة، بالإضافة
إلى عدم انضمامها إلى الناتو، مؤكدا أن هذا هو الشكل النهائي للأمور.
وبعد فوز ترامب، تقرر تعيين كيث كيلوج
مبعوثا أمريكيا للسلام في أوكرانيا، والذي أكد بدوره على الاقتراح السابق لنائب
الرئيس الأمريكي، المتمثل بتنازل كييف عن أراضيها والتخلي عن انضمام أوكرانيا إلى
حلف شمال الأطلسي مقابل السلام.
وفي خضم المساعي الأمريكية لتجميد
الصراع، كشفت صحيفة "تليغراف" البريطانية، عن احتمال أن يدعو ترامب،
قوات أوروبية وبريطانية لفرض منطقة عازلة بطول 800 ميل، بين الجيشين الروسي
والأوكراني، كجزء من خطة لتجميد الحرب بين البلدين.
وبحسب الصحيفة، تتضمن خطة الرئيس
الأمريكي المنتخب، التي وضعها ثلاثة من موظفي ترامب، تجميد الخط الأمامي الحالي في
مكانه، وموافقة أوكرانيا على تأجيل طموحاتها للإنضمام إلى حلف شمال الأطلسي
"الناتو" لمدة عشرين عاما.
ومع هذه الخطة الأمريكية لتحقيق
السلام، يبدو أن التساؤل الأهم، هل تخلت واشنطن عن كييف لتحقيق تقارب مع موسكو؟
وهل توافق كييف على التنازل عن عضوية الناتو وخسارة أراض لصالح روسيا؟
وتعليقا على هذه التساؤلات، قال المحلل
السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إنه من المستحيل تطبيق
خطة ترامب للسلام؛ لأن تجميد الصراع عند الوضع الحالي لخطوط جبهة القتال، مقابل
انضمام أوكرانيا لحلف الناتو لن تقبل به روسيا، إلا في حالة واحدة، وهي أن تتنازل
أوكرانيا عن أوديسا وخاركيف، بحيث يصبح نهر دنيبرو فاصلا حدوديا جديدا بين روسيا
وأوكرانيا، مع وجود منطقة عازلة.
وأكد الأفندي، لـ"إرم نيوز"،
أنه بدون تنازل أوكرانيا عن أوديسا من المستحيل أن تسمح روسيا لأوكرانيا بالإنضمام
لحلف شمال الأطلسي؛ لأنه في تلك الحالة ستفقد روسيا نفوذها في البحر الأسود لصالح
الناتو.
وأضاف المحلل السياسي، أنه يجب الإشارة
إلى مخاوف روسيا إذا سمحت لأوكرانيا بالإنضمام للحلف، مقابل التنازل عن الأراضي
التي سيطر عليها الجيش الروسي، إذ من الممكن أن تنشب حرب جديدة في المستقبل، بين
حلف الناتو ووروسيا لاستعادة الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا إليها.
وأوضح أنه ليس هناك مصلحة للولايات
المتحدة بضم أوكرانيا للحلف؛ لأن الحرب الدائرة حاليا هي بالأساس حرب بالوكالة.
واعتبر الأفندي أن وعود الناتو بضم
أوكرانيا للحلف مجرد "جزرة"؛ لأن الناتو ليس له مصلحة بضم أوكرانيا في
الوقت الراهن حتى يدخل في مواجهة مباشرة مع روسيا.
واختتم قائلا: "خطة ترامب للسلام
يصعب تحقيقها على أرض الواقع، إلا إذا حدثت مفاجآت أثناء المفاوضات المحتملة بين
موسكو وكييف".
من جانبه، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأمريكية،
السفير مسعود معلوف، إن ترامب هو رجل المفاجآت، وأكد بكل وضوح، أثناء حملته
الانتخابية، أنه سيوقف الحرب خلال 24 ساعة في حال تم انتخابه، لكنه لم يوضح كيفية
حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأكد معلوف، لـ"إرم نيوز"،
أن تصريحات ترامب تشير إلى أنه يميل إلى روسيا؛ لذلك قد يوافق على أن تستمر روسيا
في احتلالها للقسم الشرقي والشمالي من أوكرانيا، أي حوالي 20% من الأراضي
الأوكرانية، مقابل أن توقف روسيا الحرب.
ولفت إلى أن هذه هي خطة ترامب التي
يراها الساسة والمراقبون، والتي لم يفصح عنها، وهذا أمر محتمل بنسبة كبيرة لإنهاء
الصراع بين موسكو وكييف.
وأوضح معلوف أن الرئيس الأمريكي
الحالي، جو بايدن، يقوم قبل نهاية ولايته في 20 يناير المقبل، بإرسال كميات كبيرة
من الأسلحة إلى كييف، وكذلك تفعل أوروبا، خشية على مستقبل أوكرانيا من قدوم ترامب.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه من الآن
وحتى 20 يناير، سنرى دعما عسكريا كبيرا لأوكرانيا من الولايات المتحدة والغرب، وأن
تلك المساعدات العسكرية تستهدف دعم موقف كييف من الحرب أثناء المفاوضات المحتملة
مع موسكو، بعد تسلم ترامب الرئاسة، ولكن لا أحد يعرف كيف يتصرف ترامب؛ لأنه رجل
المفاجآت والصفقات.
وخلص معلوف إلى أن أوكرانيا لم تجد
مانعا من التسليم بما فرضته الحرب على أرض الواقع، لتتنازل عن جزء من أراضيها،
مقابل الجلوس على مائدة المفاوضات، والحصول على بعض الامتيازات والوعود من حلف
الناتو.