رضي الله تعالى عن مشايخ الزاوية
الوزانية، وعن رجالات العائلة الوزانية الشريفة، بشهادة العالمين فإنهم لم يخلقوا
إلا ليعبدوا الله حق عبادته وليدلوا عباد الله على الخير والإحسان، فأفنوا فعليا
عمرهم في تعلم العلم وبذله، وفي التواصي بالحق والصبر ودعوة الخلق إلى التمسك
بالعروة الوثقى واتباع سنة المصطفى صلى الله وسلم عليه وآله صحبه والتابعين وكفى.
دافعوا عن الأحواز، ودعوا لجمع شمل
الأمة، وأنذروا بسوء عاقبة الخروج عن الجماعة، فأطفؤوا نيران الفتن وأوقفوا نعرات
التمردات وعززوا ثوابت الدولة ضد الاهتزازات، ورصوا الصفوف لمواجهة الأطماع
الخارجية، وأطعموا الجائع وأمنوا الخائف وآووا المرضى والأيتام والمعوزين.
ومما تميزوا به عبر الأزمان، من القطب
المؤسس مولانا عبدالله الشريف -إبان بداية أفول السعديين- وطيلة حياته، ومرورا
بولاية مولاي محمد -نجله التقي- وحفيده مولاي التهامي (الشيخ السامي مول السوق
الحامي- صاحب الجلالة) ومن تبعهم من مشايخ -مما تميزوا به- تميزا لا يقارن وغير
مسبوق عدم رغبتهم في الحكم وعدم منازعة الحاكم في حكمه، وخضوع النفوس لهم وانجذاب
الأرواح إليهم، طواعية بل حبا فيهم واشتياقا لما لديهم من علم وأدب وكرم، ومن أدوية
لأمراض النفوس ولما في أسلوب حياتهم من حكم وبركات.
من السهل جدا رؤية تجليات ما نقول عبر
كل مراحل انتشار وانتصار المنهج الفكري والسلوكي للزاوية الوزانية، القائم أساسا
على الدعوة إلى الله والدفاع عن حوزة الوطن وخدمة عباد الله ولزوم الجماعة بنصرة
من ينصر الله.
وللمؤرخين الثقاة في مدوناتهم المخطوطة والمطبوعة ما لا يحصى من ذخائر وأسرار مجسدة لحقيقة ما كان عليه أشراف هذه الزاوية/العائلة من عظيم الشيم وجليل القيم المقوية لعرى الوحدة بين الأجيال والمرسخة لثوابت الأمة عبر الأزمان.