adsense

/www.alqalamlhor.com

2024/11/03 - 5:19 م

بينما يتمتع العديد من الموظفين في القطاع العام المغربي بامتيازات وظيفية تشمل التأمين الاجتماعي، التقاعد، والتغطية الصحية، يقف عمال وعاملات الإنعاش الوطني في المغرب عند هامش هذه الحقوق.

هؤلاء العاملين، الذين يعملون تحت إشراف وزارة الداخلية، لا يعتبرون فعليا "موظفين" وفقا للقوانين المعمول بها، بل يصنفون كمستخدمين مؤقتين، مما يتركهم في مواجهة واقع مهني ومعيشي قاسٍ ومجرد من أي أمان اجتماعي أو اقتصادي.

يعمل عمال وعاملات الإنعاش الوطني على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام الحيوية مثل الحراسة، التنظيف، أعمال الصيانة، وحتى بعض المهام الإدارية المساندة، وذلك في مختلف المؤسسات العمومية كالمستشفيات، المدارس، الإدارات المحلية، والمصالح الإقليمية؛ وعلى الرغم من المهام الأساسية التي يقومون بها، إلا أن وضعهم القانوني لا يرقى إلى مستوى "الموظف العمومي"، مما يجعلهم خارج منظومة الحقوق العمالية الرسمية مثل التأمين الصحي، التقاعد، وتعويضات حوادث العمل.

وتعاني هذه الفئة كذلك، من غياب الحماية الاجتماعية بشكل مطلق، فهم لا يحصلون على التغطية الصحية الأساسية التي يتمتع بها موظفو الدولة الرسميون، مما يعرضهم وأسرهم إلى مشاكل صحية ومادية عند حدوث الأمراض أو الحوادث، كما أن هؤلاء العمال يفتقرون لأي نوع من التأمين ضد حوادث العمل، مما يعني أنه في حالة تعرضهم لإصابة خلال أداء واجبهم المهني، فإنهم يتحملون التكاليف بشكل كامل، دون أي دعم أو تعويض.

إضافة إلى ذلك، فإن العاملين في الإنعاش الوطني لا يتمتعون بنظام تقاعدي، على الرغم من أن بعضهم قضى سنوات طويلة في الخدمة، وبالتالي، عندما يصلون إلى سن التقاعد، يجدون أنفسهم بدون أي مصدر دخل، مما يدفع بالكثيرين منهم إلى العيش في فقر مدقع والاعتماد على دعم الأهل أو الصدقات.

تواجه هذه الفئة أيضا مشكلة انعدام الاستقرار الوظيفي، حيث يتم تشغيلهم بعقود قصيرة الأجل تجدد تلقائيا بدون أي ضمان للاستمرارية أو التثبيت. فعلى الرغم من أن بعض العمال قضوا سنوات طويلة في نفس الموقع الوظيفي، إلا أنهم يظلون عرضة للإقالة أو الاستغناء في أي لحظة، دون تعويضات نهاية الخدمة.

ويتعرض عمال وعاملات الإنعاش الوطني لسوء الفهم من طرف المجتمع، حيث ينظر إليهم كـ"موظفين" تابعين للدولة، في حين أن واقعهم يختلف تماما، ويعزي هذا الخلط إلى أنهم يعملون ضمن مؤسسات عمومية، وتحت إشراف مباشر من وزارة الداخلية، مما يجعل المواطنين يعتقدون أنهم يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها الموظفون الرسميون، هذا التناقض بين التوقعات المجتمعية وواقعهم الحقيقي يجعلهم يشعرون بنوع من الاغتراب والتهميش، ويزيد من شعورهم بالظلم.

تزايدت في السنوات الأخيرة مطالب عمال وعاملات الإنعاش الوطني بتحسين أوضاعهم وتوفير الحد الأدنى من الحقوق الأساسية لهم، مثل التأمين الصحي، نظام تقاعدي عادل، وتعويضات نهاية الخدمة، وتطالب العديد من النقابات والجمعيات الحقوقية الحكومة المغربية بالنظر في وضعية هؤلاء العمال والعاملات وتعديل قوانين العمل لضمان حقوقهم.

عمال وعاملات الإنعاش الوطني في المغرب هم جزء أساسي من المجتمع المغربي، يقدمون خدمات حيوية ويعملون في ظل ظروف صعبة، وبدون أي ضمانات مهنية أو اجتماعية.

وفي ظل التزام الحكومة المغربية بالعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، يبقى تحسين أوضاع هذه الفئة وتوفير حقوقهم واجبا وطنيا وإنسانيا يحقق العدالة ويضمن الكرامة لكل فرد في المجتمع.