يشهد أسطول حافلات "سيتي باص" بفاس تدهورا كبيرا، حيث أصبح يثير
قلق السكان ويهدد سلامة الركاب ومستعملي الطريق بشكل يومي.
الحادث الأخير الذي وقع يوم أمس الأربعاء، حيث اشتعلت النيران في إحدى
الحافلات، يعكس الوضعية المزرية التي وصل إليها هذا الأسطول، ويعيد إلى الواجهة
سلسلة من الحوادث المشابهة التي تكررت في الأشهر والسنوات الأخيرة، مما يطرح تساؤلات
جدية حول مدى التزام الشركة بالمعايير اللازمة لضمان سلامة الركاب.
هذه الحوادث، التي أصبحت مشهدا مألوفا في شوارع المدينة، ليست مجرد أعطال
تقنية عرضية؛ بل تشير إلى خلل أعمق يرتبط بالإهمال الكبير في صيانة وتجديد
الحافلات.
فالوضعية الحالية باتت تهدد أرواح المواطنين بشكل مباشر، حيث يجد الركاب
أنفسهم معرضين لخطر اندلاع الحرائق أو وقوع أعطال مفاجئة أثناء الرحلات اليومية،
وما يزيد من تعقيد المشكلة هو الإطار العام الذي يعمل فيه النقل الحضري بفاس، حيث
يعتمد على نظام التدبير المفوض الذي كان من المفترض أن يضمن تحسين الخدمات من خلال
إشراك القطاع الخاص؛ لكن تجربة مدينة فاس مع هذا النظام أظهرت نتائج عكسية، إذ
تُتهم شركة "سيتي باص" بالتقصير الكبير في أداء مهامها، وغياب أي
استثمارات حقيقية في تطوير البنية التحتية للنقل الحضري أو تحديث الأسطول، الذي
يبدو أنه تجاوز عمره الافتراضي منذ سنوات.
المواطنون في فاس يعانون يوميا من سوء الخدمات المقدمة، بما في ذلك عدم
احترام المواعيد والاكتظاظ داخل الحافلات، ما يفاقم من معاناتهم ويزيد من
استيائهم، وفي الوقت نفسه، يعاني العاملون في الشركة من ظروف عمل صعبة تؤثر بدورها
على جودة الخدمة المقدمة، مما يجعل الأزمة متعددة الأبعاد وتحتاج إلى تدخل عاجل
على عدة مستويات.
وأمام هذا الوضع الكارثي، يطالب سكان المدينة السلطات المحلية بالتدخل
الفوري لإعادة النظر في عقود التدبير المفوض ومحاسبة الشركة على الإهمال الواضح،
الذي يعرض سلامة وأرواح المواطنين للخطر، كما يطالبون بوضع خطة شاملة لتحديث
الأسطول وضمان التزام الشركة بتقديم خدمات نقل آمنة وذات جودة، تتناسب مع حجم
مدينة مثل فاس ومكانتها التاريخية.
فسلامة الركاب ومستعملي الطريق يجب أن تكون على رأس الأولويات، ولا يمكن تحقيق ذلك دون
رقابة صارمة على الشركة المفوضة لها تدبير المرفق وضمان احترامها لمعايير السلامة
والجودة، والتأخر في حل هذه الأزمة يعني تعريض المزيد من الأرواح للخطر واستمرار
تدهور صورة النقل الحضري في المدينة.
إن مدينة عريقة كفاس تستحق نظام نقل حضري يليق بسكانها وتاريخها، وليس أسطولا متهالكا يُعرض الجميع لمخاطر يومية.