أعلنت مديريات وزارة التربية الوطنية
في المغرب عن طلب عروض مشاريع جمعيات المجتمع المدني من أجل تنشيط الحياة المدرسية
في مؤسسات الريادة بالمرحلة الثانوية الإعدادية، ويهدف هذا البرنامج، وفق الوزارة،
إلى خلق بيئة تربوية تساهم في تعزيز تنمية التلاميذ ومهاراتهم الاجتماعية
والثقافية، من خلال إشراك الجمعيات المحلية كأطراف شريكة في هذه العملية.
لكن هذا الإعلان لم يخلُ من انتقادات
وتساؤلات حول نجاعة هذه المبادرة؛ فبينما تبدو هذه الخطوة كوسيلة لدمج المجتمع
المدني في العملية التعليمية، يراها العديد من المتابعين على أنها محاولة من
الوزارة للتهرب من مسؤولياتها في خلق مناصب جديدة متخصصة لتنشيط الحياة المدرسية،
إذ تفضل الوزارة بدلا من تعيين متخصصين وإعدادهم بشكل يتماشى مع الأهداف التربوية،
أن تُسند المهام للجمعيات الفائزة بالعرض، وهو ما يطرح تحديات جديدة.
إشكالية التوظيف المؤقت والمسؤوليات
الضائعة
تعود الانتقادات إلى تجارب سابقة
شبيهة، مثل تجربة التعليم الأولي، فقد تم توظيف المؤطرين عبر جمعيات المجتمع
المدني، وهو ما أدى إلى مشاكل عديدة في العلاقة بين المؤطرين والوزارة، حيث عانى
هؤلاء المؤطرون من ظروف عمل غير مستقرة وضعف الدعم المؤسسي، وأصبحت الجمعيات
وسيطاً دون توفر الموارد أو التأطير اللازمين لضمان كفاءة البرامج التربوية.
تحميل الجمعيات مسؤولية نتائج المشروع
من شأن هذا التوجه أن يحمل الجمعيات
مسؤولية كبيرة عن المشاكل المستقبلية التي قد تطرأ بين المؤطرين الذين ستعينهم
والوزارة، خاصةً في ظل غياب رؤية واضحة لتنظيم هذا التعاون بين الطرفين؛ فعوضاً عن
تحمل الوزارة لمسؤولية تهيئة أطر متخصصة في التنشيط المدرسي، تُسند هذه المهمة إلى
الجمعيات، مما قد يؤثر على استمرارية البرنامج وجودته، فضلاً عن احتمالية تأثيره
سلبا على طموحات الطلاب وتوقعاتهم من الحياة المدرسية.
إشراك المجتمع المدني كأداة تنموية
وليس كبديل للتوظيف
من المهم التنويه إلى أن إشراك جمعيات
المجتمع المدني في الأنشطة التربوية يمكن أن يكون خطوة إيجابية، إذا تم تنفيذها في
إطار مؤسساتي مضبوط، يراعي دعم الجمعيات بالموارد والتأهيل اللازم؛ ولكن حين
تُستعمل الجمعيات كبديل للتوظيف، فإن الأثر المتوقع يتحول من هدف تنموي إلى محاولة
لسد ثغرات في النظام التربوي على حساب الجودة والفعالية.
أسئلة مفتوحة حول الاستدامة والمستقبل
يبقى السؤال: هل ستُراجع الوزارة هذه
المبادرة لتضمن إدماج جمعيات المجتمع المدني في الفعل التربوي بشكل يضمن الجودة
والاستدامة؟، أم ستظل هذه المبادرة مجرد حلّ مؤقت يُعمق الفجوات في النظام
التعليمي ويزيد من التحديات الملقاة على عاتق الجمعيات؟.
على الوزارة أن تتبنى رؤية واضحة تتجاوز الحلول المؤقتة، وتعمل على تطوير سياسات توظيف تستجيب للتحديات المتزايدة في القطاع التعليمي، بما يضمن تحقيق أهداف التربية والتنمية المستدامة وضمان مستقبل أفضل للتلاميذ والمؤطرين على حد سواء.