تشهد جماعة فاس، واحدة من أقدم وأعرق
المدن المغربية، اختلالات كبيرة في طريقة تسييرها، خاصة في ما يتعلق بتوزيع المال
العام على الجمعيات، هذه الاختلالات أصبحت محور نقاش واسع، سواء في أوساط المجتمع
المدني أو عبر وسائل الإعلام المحلية والوطنية.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو الشكوك التي
تثار حول طريقة توزيع المال العام على الجمعيات المحلية، العديد من النشطاء
والجمعيات يتهمون بعض المسؤولين في الجماعة بتبني منهجية مزاجية في اختيار
المستفيدين، مما يعزز الاتهامات حول استغلال المال العام لخدمة مصالح سياسية ضيقة
تتماشى مع رغبات بعض المحسوبين على الأغلبية المسيرة للجماعة.
تتردد هذه الانتقادات بشكل خاص حول
استبعاد بعض الجمعيات الجادة والمستقلة من الدعم المالي، رغم أن هذه الجمعيات تقدم
خدمات فعالة وتساهم في تحسين ظروف الفئات المهمشة في المجتمع الفاسي، تلك الجمعيات
تشكو من عدم تلقيها الدعم رغم التزامها بتقديم تقارير شفافة ومتابعة دقيقة لعملها
الاجتماعي.
ويرى العديد من الفاعلين المحليين أن
هذه الظاهرة تتجلى بشكل أكبر عندما تُفضل بعض الجمعيات المقربة من المسؤولين أو
تلك التي تتوافق مصالحها مع أجندات سياسية معينة، هذا النوع من التسيير يجعل
الكثيرين يصفون التوزيع بـ"غير العادل"، حيث يتم استبعاد الجمعيات
المستقلة والجادة لصالح جمعيات أخرى لا تمتلك سجلا مشرفا في خدمة المجتمع.
في ظل هذه التطورات، تطالب العديد من
الجهات الفاعلة بضرورة اعتماد آليات شفافة في توزيع الدعم المالي، تعتمد على معايير
موضوعية مثل الأداء الميداني للجمعيات والتزامها بخدمة الصالح العام، كما يطالب
المواطنون بتفعيل دور الرقابة والمساءلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الاختلالات،
لضمان أن يتم توجيه المال العام بشكل يخدم كافة مكونات المجتمع دون تمييز أو
محاباة.
الاختلالات في تسيير جماعة فاس وتوزيع
المال العام على الجمعيات باتت قضية تستدعي الانتباه والمحاسبة، يبقى التحدي
الأكبر هو كيفية إعادة الثقة للمجتمع الفاسي في مؤسساته المحلية، من خلال تبني
معايير الشفافية والعدالة في توزيع الموارد، وضمان مشاركة جميع الفاعلين
الاجتماعيين على قدم المساواة في خدمة الصالح العام.
يذكر أن عبد السلام البقالي، رئيس
جماعة فاس، يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بتورطه في جرائم مالية مرتبطة بتسيير المال
العام فيما يعرف في الأوساط الفاسية بقضية البوصيري ومن معه، هذه التهم تأتي في
إطار تحقيقات حول اختلالات في تدبير الشأن المحلي لفاس، وقد أثارت جدلا واسعاً بين
الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني.
العقوبات الحبسية التي قد يواجهها
البقالي، في حال إثبات التهم الموجهة إليه، تتعلق بجرائم الأموال العامة، وهي
جرائم يعاقب عليها القانون المغربي بشدة بموجب القانون الجنائي.