وتأتي الخطوة
في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إصلاح علاقاتها مع أفريقيا، حيث يشعر كثيرون
بعدم الرضا عن دعم واشنطن للحرب في قطاع غزة، فضلا عن تعميق العلاقات مع دول جزر
المحيط الهادي سعيا لمواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.
وقالت توماس
جرينفيلد لرويترز، إنها تأمل بأن يؤدي الإعلان إلى "دفع هذه الأجندة إلى
الأمام على نحو يمكّننا من تحقيق إصلاح مجلس الأمن في مرحلة ما في المستقبل"،
ووصفت الأمر بأنه سيكون جزء من إرث الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتدعم واشنطن
أيضا منذ فترة طويلة حصول الهند واليابان وألمانيا على مقاعد دائمة في المجلس.
وتطالب دول
نامية بالحصول على مقاعد دائمة في مجلس الأمن، الهيئة الأكثر قوة في الأمم
المتحدة، دون جدوى رغم سنوات من المحادثات حول الإصلاح. ومن غير الواضح ما إذا كان
الدعم الأمريكي قد يعطي دفعة لتلك المطالب.
وقبل الإعلان
عن دعم الولايات للخطوات الجديدة في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، اليوم
الخميس، أوضحت توماس جرينفيلد لرويترز، أن واشنطن لا تؤيد توسيع حق النقض إلى ما
هو أبعد من الدول الخمس التي تملكه.
ومن بين الدول
الإفريقية التي تضغط لتمكينها من مقعد دائم بالهيئة الأممية يسمح لها بالدفاع عن
مصالح القارة الإفريقية يبرز إسم المملكة المغربية، خاصة بعد التصريح الذي أدلى به
عمر هلال الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، على هامش
"الحوارات الأطلسية" التي انعقدت بمدينة مراكش قبل أيام قليلة.
والمغرب هو
البلد المؤهل والذي ينسجم مع الرؤية المستقبلية للأمم المتحدة للحصول على مقعد
دائم بمجلس الأمن الدولي حتى يكون صوتا دائما للقارة الإفريقية يمكنها من الدفاع
عن قضاياها المصيرية.
ويأتي هذا
المطلب، في إطار الرغبة في إعادة تنظيم التمثيلية داخل هيئة الأمم المتحدة، بسبب
الانتقادات العديدة التي وجهت لنظام التمثيلية ونظام التصويت ونظام العضوية
الدائمة داخل مجلس الأمن، وقد طرحت العديد من المقترحات في هذا الاتجاه، وكان من
بينها مقترح توسيع العضوية الدائمة مع مراعاة التوزيع الجغرافي، وهذا هو الطرح
الذي يدافع عنه المغرب.
ويبقى إصلاح
مجلس الأمن على مستوى العضوية الدائمة وحق التصويت وحق النقض، أمرا جد صعب إلى حد
المستحيل نظرا لكون الظروف التي أنتجت نظام الأمم المتحدة ككل، ليست هي الظروف
الموجودة حاليا على المستوى الدولي، بالإضافة إلى أن ميثاق الأمم المتحدة محكم
الإقفال لأنه يلح في بعض مواده على أن أي إصلاح على مستوى المؤسسة الأممية يتطلب
موافقة كل الدول الدائمة العضوية كاملة، وهذه الأخيرة لن تقبل بهذا الإصلاح، لأنه
يتناقض مع مصالحها ومصالح شركائها.
وبخصوص حظوظ
المغرب في نيل مقعد دائم بمجلس الأمن لتمثيل القارة الإفريقية، فإن له من الشروط والإمكانيات ما يؤهله لشغل هذا
المنصب لتمثيل القارة الإفريقية والمنطقة العربية، لكن مسألة إعادة تنظيم
التمثيلية داخل الهيئة الأممية تبقى صعبة التحقق نظرا لتحكم الدول دائمة العضوية
الحالية في قرارات هذه المؤسسة.
وكانت للمغرب
دائما مساهمة مستمرة ومتواصلة في عملية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين من خلال
البعثات الأممية لحفظ السلام في العديد من دول العالم وخاصة على المستوى الإفريقي
منذ البدايات الأولى لمؤسسة الأمم المتحدة.
ويعد المغرب
الصوت الإفريقي بامتياز الذي يمكنه ان يقوم بهذه المهمة، وله علاقات إيجابية مع
الدول العربية والإسلامية عامة ودول الخليج أساسا، وله مصداقية وموثوق به، ويلتزم
بالمشروعية الدولية والأممية في احترام القرارات الأممية، ويشتغل بفعالية منذ
سنوات في جميع المؤتمرات والمنتدبات التي تعالج المشاكل الكونية مثل مسألة المناخ،
إضافة إلى موقعه الجغرافي الذي يربط بين أوروبا وإفريقيا وفي علاقاته بدول الخليج
أي أنه نقطة وصل بين ثلاث قارات..
وفتح المغرب
عهدا جديدا في علاقاته الخارجية خاصة مع أمريكا وروسيا والصين، وغيرها وأصبح يتوفر
على كل المؤهلات والمعايير المطلوبة حتى يكون صوتا لإفريقيا من داخل مجلس الأمن
الدولي عبر مقعد دائم داخل المؤسسة الأممية.
وكان وزير
الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، قد عبر في يونيو الماضي، عن تأييد بلاده لمسألة
إصلاح مجلس الأمن الدولي، تحصل بموجبها إفريقيا على مقعد دائم، "يسمح بتمثيلية
تعددية تستجيب لتحديات القرن الحادي والعشرين".
وقال كليفرلي
"نريد أن تكون إفريقيا ممثلة بشكل دائم (في مجلس الأمن)، وأن تكون الهند
والبرازيل وألمانيا واليابان أعضاء فيه"، مردفا بالقول "أدرك أن الأمر
سيكون إصلاحاً جريئا، لكنه يسمح لمجلس الأمن بدخول العقد الثالث من القرن
الحالي".
كما سبق
للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أن ساند مسألة توسيع التمثيلية الدائمة لمجلس
الأمن بشكل يمنح القارة الإفريقية مقعدا دائما، ويمنح الاتحاد الإفريقي كذلك،
موقعا ضمن مجموعة العشرين.
ويتألف مجلس
الأمن الدولي حاليا من 5 أعضاء دائمين، يملكون حق النقض (الفيتو) هم الولايات
المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين، والعشرة المقاعد الأخرى يتم انتخابها
لفترة تستمر لمدة عامين.