نشرت الجريدة الرسمية الفرنسية الصادرة بتاريخ 5 غشت الجاري في قسمها
المتعلق بالأوسمة والجوائز قرار وزير الداخلية الفرنسي المتعلق بتوشيح المدير
العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي بميدالية الشرف للشرطة الوطنية.
ويشكل هذا التوشيح الذي حظي به المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب
الوطني بمثابة اعتراف من الدولة الفرنسية بجهوده في توطيد وتطوير التعاون الأمني
المشترك بين الرباط وباريس.
ويأتي هذا التوشيح تكريما للمغرب في شخص السيد عبد اللطيف حموشي على وقع
تقارب بين البلدين على اثر اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه وبمقترح الحكم
الذاتي أساسا وحيدا لحل النزاع المفتعل.
وكان المسؤول الأمني المغربي قد زار فرنسا في وقت سابق وأجرى مباحثات مع
عدد من كبار المسؤوليين الأمنيين الفرنسيين بينهم سيلين برتون المديرة العامة
للأمن الداخلي ونيكولا ليرنر المدير العام للأمن الخارجي، فيما ركزت المباحثات على
تعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والرفع من مستوى
التنسيق الأمني بين البلدين وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
كما التقى أيضا بفريديريك فو المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية، وأجرى
معه مباحثات مكثفة شملت وضع آليات استباقية لتقييم المخاطر وتبادل المعلومات.
وعلى هامش الزيارة قام وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بتوشيح حموشي
بميدالية الشرف الذهبية للشرطة الوطنية، وفق نص القرار الذي ورد في الجريدة
الرسمية الفرنسية.
وجاء في قرار الدولة الفرنسية أن ميدالية الشرف تمنح بصفة استثنائية للسيد
حموشي، ما يعكس حجم الثقة الفرنسية في الشريك المغربي وفي أجهزته الأمنية التي
لعبت دورا حاسما في إفشال مخططات إرهابية على الأراضي الفرنسية في السنوات الأخيرة
وساعدت الأمن الفرنسي من خلال حزمة معلومات استخباراتية في اعتقال متطرفين كانوا
يخططون لتنفيذ اعتداءات إرهابية خطيرة أو ملاحقون في قضايا إرهاب.
وأصبح المغرب بفضل الانجازات الأمنية محط أنظار شركاء وفاعلين دوليين قاموا
بعقد شراكات مع الرباط للاستفادة من خبرات أجهزته في مواجهة الارهاب والتطرف
والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ومن بين هؤلاء إلى جانب فرنسا، اسبانيا التي أقرت مرارا بدور المغرب ودور
الأجهزة التي يقودها حموشي، في مساعدة مدريد على تفادي اعتداءات إرهابية خطيرة.
وكشف إحباط اسبانيا مخططات إرهابية خطيرة بفضل التعاون مع المغرب، مواكبة
دقيقة من قبل أجهزة الأمن المغربية لأحدث التكنولوجيات في تعقب خطابات التطرف عبر
الانترنت وما بات يعرف بالخلايا الرقمية للتنظيمات المتشددة التي باتت تستخدم
بدورها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الاستقطاب والتجنيد والدعاية.
وبدا واضحا أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي يقودها حموشي
والذي يتولى أيضا منصب المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، عملت مبكرا على
تطوير أدائها بشكل يسمح بتطويق وتعقب الأنشطة الرقمية للخلايا الإرهابية سواء على
المستوى المحلي أو الإقليمي وحتى الدولي.
ومن خلال إلمامه بالعمل الحركي الإسلامي في المغرب والجوار الإقليمي، نفذت
المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عمليات أمنية استباقية نوعية أحبطت خلالها
مخططات إرهابية خطيرة داخل المملكة وفي اسبانيا المجاورة وفي دول غربية أخرى
مكنتها الأجهزة المغربية من معلومات دقيقة أفضت لتفكيك شبكات إرهابية خطيرة.
ولم يكن مستغربا أن يبلغ هذا الأداء مستوى متقدما، فحموشي يعتبر من بين
أبرز المسؤولين الأمنيين الذي عرف بإطلاعه على طريقة عمل خلايا التنظيمات الجهادية
على الميدان وعبر الفضاء الرقمي الافتراضي الذي تحول إلى جبهة مواجهة أخرى بين تلك
التنظيمات والأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
ويعد المغرب اليوم حلقة أساسية في الجهود الأمنية الدولية الرامية إلى
مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع التطرف، إذ يعتمد إستراتيجية أمنية وتجربة هامة في
مكافحة مختلف المخاطر والتهديدات إلى جانب تحالفات دولية وشراكات خاصة مع الولايات
المتحدة ودول غربية أخرى عززت من قدراته على التعامل مع التهديدات الأمنية.
وتقديرا لهذا الدور، كرمت مدريد أيضا في ماي الماضي عبداللطيف حموشي الذي
كان المسؤول الأمني والاستخباراتي الإفريقي الوحيد الذي شارك في الاحتفالات
الرسمية للذكرى السنوية الـ200 لتأسيس جهاز الشرطة الوطنية الاسبانية التي جرت
بحضور العاهل الإسباني.
وفي أكتوبر من العام الماضي، مكنت معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة
لمراقبة التراب الوطني لألمانيا السلطات من إيقاف إرهابي خطير يحمل الجنسية
الألمانية ويتحدر من أصول مصرية كان يخطط لتنفيذ عدة هجمات إرهابية بينها هجوم
بشاحنة في برلين.