بقلم الأستاذ حميد طولست
الفشل ليس عيبًا إذا كان مؤقتا ، حيث يمكن أن يكون جزءًا طبيعيًا ومفيدًا
من عملية التعلم والنمو وخلق فرص التعلم أو التحسين والنجاح المستقبلية ، ولكنه
يكون عيبا كبيرا إذا استمر دون أي محاولة لتغير نتائجه الجامدة وبقي المسؤول عنه
خاملا على كرسيه بلا حسيب أو رقيب ، ينتظر بطلا يولد من رحم المعاناة ، فيستقبله
"بالطبالة و الغياطة " لكسر الجليد ، كما فُعل في طوكيو 2020 مع الذهبية
الواحدة لسفيان البقالي ، وفي 2016 مع البرونزية الفريدة للملاكم محمد ربيعي ، وفي
2012 مع برونزية عبد العاطي إكيدير، وغيرهم من الأبطال الذين اعتمدوا في تحقيق
النتائج المشرفة على مجهوداتهم الخاصة ، رغم حاجتهم الملحة للدعم والتكوين و
المتابعة في كل أشكال الرياضات ، التي لا يمكن أن نطالب بالنجاح في مجالها المعقد
بدون تمثل المثل المغربي : "والله وما قفلتي لا فورتي"، خاصة في التظاهرات
الرياضات العالمية ، التي يستدعي الوصول فيها إلى مستويات عالية ، للمنافسة القوية
، والجهد والوقت الكبيرين، البعيدين عن أي نقص في الدعم المادي أو المعنوي، الذي
يؤثر في تحقيق النتائج المرضية.
كما هو حال أولمبياد باريس 2024 ، التي خصص المغرب 8 مليار سنتيم لتحضير مشاركة البعثة المغربية
المكونة من 60 رياضياً مشاركين في 19 رياضة مختلفة ، حسب تصريح السيد حسن فكاك،
المدير التقني للجنة الأولمبية المغربية، الذي أكد فيه عبر راديو الشرق بأن هذه
الميزانية الضخمة ، قد صُرفت على البعثة المغربية ،كاستثمار لتطوير الرياضة وتحقيق
النتائج المرضية ، والمساهمة في تعزيز مكانة البلد رياضيا في هذا المحفل الدولي،
الغاية المثلى التي يصغر أمام ضخامتها مبلغ 8 مليارات ويبدو ضئيلًا ، ويصبح مبالغا
فيه حال لم تتحقق به النتائج الجيدة المنتظرة ، أو لم يسهم في تعزيز مكانة المغرب
على المستوى العالمي، كما بدأت تباشير ذلك من البدايات المتعثرة التي أصبحت
تقلقنا صدى أخبارها المحبطة: فلان خسر ،
وفلانة لم تفز ، والمجموعة الفلانية لم تتغلب على خصمها، الفرقة العلانية خرجت مغلوبة أمام خصمها الضعيف
، وغير ذلك من الانتكاسات المحبطة ، التي لا تتناسب وحجم الميزانية المستثمرة في مشاركة البعثة المغربية في أولمبياد باريس 24 ، والتي تدفع ضخامتها كل
الغيورين على وطنهم، لطرح التساؤلات
الحرجة والمحرجة حول الأسباب المعيقة لعدم تحقيق النتائج المرجوة ، والتي من بينها
: سوء التخطيط الجيد أو نقصه ، الإدارة غير الفعالة في تدبير الموارد المخصصة
لتطوير المهارات الرياضة الأساسية والمعززة لفرص تحقيق الإنجازات الرياضية
المتميزة ، والتي نتمنى أن تأتي مخالفة لما حصل عليه المغرب من ميداليات التي لم
تتجاوز 24 ميدالية ، في مشاركاته 16 خلال الفترة الزمنية الطويلة التي بلغت 64 سنة
-وكانت أولاها سنة 1960 - سبعة منها ذهبيات ، وخمس فضيات واثنتي عشرة
برونزية،و20منها في ألعاب القوى و4 في الملاكمة ، والتي توزعت بين هشام الكروج
وسعيد عويطة ونوال المتوكل وخالد السكاح ، وغيرهم من الأبطال الذين اعتمدوا على
مجهوداتهم الفردية في تحصيل تلك النتائج العظيمة رغم هزالتها ، والتي يمكن إرجاع أسباب ضعفها إلى ضعف السياسات
والاستراتيجيات المعتمدة أنداك في تطوير الرياضة الوطنية ، ولضعف البنية التحتية
الرياضية الغير الملبية لاحتياجات الرياضيين ، و عدم تركيز المسؤولين على الرياضات
التي يمتلك فيها المغرب تقاليد قوية ويمكن أن تكون مجالات نجاح ، وتحقيق للنتائج
الجيدة ، التي كانت متواضعة بشكل مرعب في أبرز دورات الأولمبياد التي شارك فيها
المغرب منذ عام 1960 ، كأولمبياد روما 1960 ، وأولمبياد طوكيو 1964 ، وأولمبياد
مكسيكو سيتي 1968، وأولمبياد ميونيخ 1972،وأولمبياد مونتريال 1976 ، والتي لم يحقق
المغرب فيها جميعها أي ميدالية ، ثم أولمبياد موسكو 1980، التي لم يشارك فيها
المغرب بسبب المقاطعة، وأولمبياد لوس أنجلوس 1984، التي حصل خلالها سعد عويطة على
ذهبية في سباق 5000 متر ، وحصلت نوال المتوكل على ذهبية في سباق 400 متر حواجز،
وأولمبياد سيول 1988 التي حصل خلالها سعيد عويطة على برونزية في سباق 800 متر،
وأولمبياد برشلونة 1992 ، تحصل فيها خالد السكاح على ذهبية في سباق 10,000 متر،
وأحرز محمد أوزين على بونزية في الملاكمة ، وأولمبياد أتلانتا 1996، حيث لم يتحصل
هشام الكروج على أية ميدالية بسبب سقوطه في نهائي سباق 1500 متر ، وأولمبياد سيدني
2000 ، التي أحرز خلالها كل من هشام الكروج على
فضية في سباق 1500 متر، وعلي الزين على برونزية في سباق 3000 متر موانع،
وأولمبياد أثينا 2004، حيث فاز هشام الكروج بذهبية في سباق 1500 متر وسباق 5000 متر
، وأولمبياد بكين 2008، لم يحقق المغرب أي ميدالية، وأولمبياد لندن 2012 التي حصل
فيها عبد العاطي إيغيدير على برونزية في سباق 1500 متر، وأولمبياد ريو دي جانيرو
2016، التي لم يحقق فيها المغرب أي ميدالية، وأولمبياد طوكيو 2020التي أقيمت في
2021، حيث حقق فيها سفيان البقالي على ذهبية في سباق 3000 متر موانع ، ومحمد ربيع
على برونزية في الملاكمة (وزن خفيف).
واختم بالمسلمة التالية : النجاح في المجال الرياضي يتطلب لإلى جانب
الميزانيات ، تكاتف الجهود من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة، المجتمع
المدني، والشركات الخاصة.