adsense

2024/07/27 - 10:51 ص

بقلم عبد الحي الرايس

يجسدون القيم، ويبعثون على استخلاص الدروس والعِبَر، هم كسائر الناس، يأكلون ويشربون ويتحركون في معترك الحياة، ولكنهم يَنْمازون بأنهم للإعاقة لا يستسلمون، وبرتابة الحياة لا يعترفون، والاقتراب منهم اقتراب من عزم لا يلين، وتصميم يَفُلُّ الحديد.

عبد الله الحسيني: شاب لم يستوفِ الثلاثين استهل حياته كسائر المواليد: لهو ولعب وإقبال على الحياة، واستمتاع بألوانها وأطيافها، إلى أن فوجئ بتناقص متزايد في القدرة على الإبصار لم يجد له الأطباء سبيلا للإيقاف مما انتهى به إلى العمى وهو ما يزال في سن الغضارة والصبا، لم ييأس ولم يستسلم، وإنما وطن نفسه على تقبل قدره، والاندماج في عالم المكفوفين بوعي وعزم على قهر الصعوبات، فكان له ما أراد، انفتح على أحدث الوسائل، وتمرَّسَ بالبدائل، امتلك الكلمة، ووظف وسائل التعبير والتبليغ، فيسرت له أسباب العيش الكريم، وارتاد عالم الرياضة ولم يقنع بما دون تسلق الجبال، فأدرك قمة توبقال، وهو عاقد العزم على مواصلة التحدي وتسنُّم قمم الأعالي، وإذ يستحضر ما تردد على سمعه في البدء من وصفه بالمسكين، يأبى إلا أن يُنَظرَ لتجربته بإصدار كتابه الأول : "ماذا بعد مسكين؟"

وإدريس الفيلالي بوخريص القلب النابض بالمرح، واللسان المتدفق بالزجل يأبى ـ بعد أن تخطى الستين، وصار في عداد المتقاعدين ـ إلا أن يواصل شغفه بهواية المشي والاستكشاف، وبعد أن رفع وتيرة تسلق الجبال في وطنه وأدرك قمة توبقال (4167 م) جنوب مراكش، اشرأب به الطموح إلى التوجه نحو تنزانيا مرتقيا كليمنجارو أعلى قمة في إفريقيا (5895 م)، محققا ذلك في يوم معلوم هو رابع يونيو من سنة 2024، ويتواصل لديه العزم على مزيد من تسنُّم القمم مصداقاً لقول الرسول الأكرم " الهمة دراكة، ولو تعلقت همة ابن آدم بالثريا للمسها بيده"

تم تكريم الرجلين في حفل متميز خصتهما به جمعية تَرحال عشية 12 يوليوز 2024، في دار الطالبة ببوفكران، فتحدثا عن تجربتهما وأصغيا إلى شهادات في حق كل منهما، وتم تكريمهما والإشادة بتجربتهما ومبادراتهما.

وكم هو ماتع ومفيد الوقوف على تجارب رائدة لذوي الهمم العالية، فهي النبراس والنموذج والمثال للأجيال الصاعدة.