الاستاذ القدير
عبد الهادي بلخياط، صاحب الملاحم الغنائية والصوت الشجي، الذي اطرب المغاربة، ودخل
قلوبهم وبيوتهم ووجدانهم، بروائعه الخالدة، "شافوني الناس بالصنارة"، "يا بنت الناس
انا فقير ودراهم يومي معدودة"، ....وأخرها المنفرجة التي أصبحت معزوفة عالمية بعدما
حضرها جمهور غفير من مختلف دول العالم بمهرجان فاس للموسيقى الروحية.
حياة الفنان عبد
الهادي بلخياط تحولت لشكل دراماتيكي يوحي بالشعور بالذنب جراء احتراف الغناء
والموسيقى، وأصبح يلعب عن وعي أو عن غير وعي دورا سلبيا في الحياة الاجتماعية
للمغاربة، بعدما كانت أوتار عوده قبل صوته يصدحان بالجمال والقيم الإنسانية، حيث
لبس لبوس الدروشة وانكفأ على نفسه في سلوك سيخلف لامحالة انطباعا سيئا لدى عموم
الناس، حول المغزى من الفن ومفهوم الجمال و الأخلاق والقيم الإنسانية.
للفنان عبد
الهادي بلخياط كامل الحرية والحق في اختيار أسلوب الحياة الذي يروقه ولا أحد لديه
الحق في التدخل في شؤون حياته واختياراته، لكن الشخصية العمومية لا تملك حق القرار
الشخصي في حياتها، لأنها لم تعد ملكا لذاتها فحسب؛ بل أضحت ملكا لعموم الناس، تؤثر
فيهم وتتأثر بهم، وأي خطوة يخطوها الفنان الحقيقي لابد وأن تكون محسوبة الأثر،
لكون الفنان يصبح جزءا من كيان الجمهور، ومتدخلا في تشكيل طريقة تفكيرهم وتصوراتهم
للأشياء وفي سلوكاتهم وتوجهاتهم.
الدروشة التي
اختارها عبد الهادي تسيء للفن والفنانين، وتعتبره طيش شباب لا يليق
"بشيخ" في سن متقدم،
رغم أن السن إذا
لم يراكم فيه الإنسان مجموعة من المهارات والخبرات والتجارب يبقى مجرد رقم،
والأستاذ عبد الهادي يريده كل المغاربة ليس مجرد رقم زائد؛ بل حضور دائم في الوعي
الجمعي، في سنه الذهبية التي اختمرت فيها تجارب اجتماعية، يمكن استثمارها وترجمتها
إلى أعمال فنية كبيرة، ستشكل لا محال قيمة مضافة في مجال الفن والإبداع تساهم في
تخليق الحياة العامة، والرفع من وعي الجمعور بمجموعة من القضايا التي ما أحوج
المجتمع إليها لمقاومة الابتذال والتفاهة.