adsense

/www.alqalamlhor.com

2024/06/18 - 11:08 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست/ من مصر

من أحسن ما قرأت في هذا العيد ، هو قصة طريفة تقدم نظرة عميقة عن ثقافة الاستهلاك والتوفير في ألمانيا، التي تختلف كليا عن ثقافة الاستهلاك في بلادنا وباقي البلاد الإسلامية، والتي يمكن أن تكون "القصة"صالحة جداً لتذكيرنا نحن معشر المسلمين بقيم تقدير النعمة والاعتدال في التصرف في الموارد ، وتجنب الإسراف اللامسؤول المؤدي إلى هدرها ، خصوصاً في المناسبات والأعياد، وعلى رأسها عيد الأضحى ، حيث تكثر الأضاحي ويكون استهلاك اللحوم بطرق أكثر ترفًا وتبذيرًا أمرًا عاديًا ، القصة المعنونة بــ "المال مالك .. لكن الموارد ملك للجميع "والتي تعكس الاهتمام الكبير بتجنب الشعب الألماني –الذي تدور أحداث القصة ببلاده ،التي يتوقع الكثيرون رؤية الناس يعيشون بها في رغد وحياة فاخرة - إهدار الموارد المحدودة ، وتظهر المستوى العالي من التربية والوعي الاجتماعي الذي وصل إليه اهتمامهم واحترامهم الطعام وتقديره، والحرص على عدم إسراف المتوفر منه ، وغيرها كثير من القيم الثقافية والكثير من الدروس القيمة والموجهة نحو تبني نمط حياة أكثر استدامة وتقديرا للموارد المتاحة التي يملكونها ،والتعامل مع  كمية الطعام التي يستهلكونها،  بالعناية والاعتدال والاحترام الذي تستحق، انطلاقا من الحكمة التي يتعلمها الألمان منذ الصغر والقائلة الموارد ليست ملكًا شخصيًا بل هي للجميع ، والتي يدعو جوهر القصة  - التي تعد تذكرة قوية - كل من يقرأها ، خاصة من دوي الثقافات المغايرة للألمان، إلى التفكير بعناية في إعادة النظر في سلوكياتهم الاستهلاكية ، وتغيرها  نحو سلوكيات أكثر استدامة ومسؤولية في التعامل مع الطعام واستخدامه بحكمة وتوازن وعدم إسراف تقديرا لنعم الله علينا  ، وخاصة في أوقات الاحتفالات والأعياد، وعلى رأسها عيد الأضحى الذي مغزاه هو التقرب إلى الله من خلال الأضحية ، والذي يجب أن تسوده قيم التوسط والاعتدال، والاهتمام بالفقراء والمحتاجين ، لما له من آثار على المجتمع والعالم ككل..

بعد هذه المقدمة  أدعوك القارئ الكريم للتمعن في المغزى والدروس الأخلاقية المستفادة من هذه القصة التي تسلط الضوء على أهمية عدم الإفراط في الاستهلاك، المتماشي مع تعاليم الإسلام وقيمه الداعية إلى التوسط والاعتدال في كل شيء ، والتي يمكن استخدامها كأداة للتوعية والتذكير بقيمة تقدير النعمة وتجنب الإسراف ، وتعزيزهما في سلوكيات الأفراد والجماعات.

وإليك القصة كما قرأتها وعيد مبارك : يقول احد الطلاب : عندما وصلت الى هامبورغ ..رتب أحد زملائي الموجودين في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم .. وعندما دخلنا المطعم لاحظنا ان كثير من الطاولات كانت فارغة وكان هناك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجين شابين لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات ..

كنت أتساءل اذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن ان تكون رومانسية وماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الزوج .. وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن جانبا ..

طلب زميلنا الطعام وكنا جياعا فطلب المزيد .. وبما أن المطعم كان هادئا وصل الطعام سريعا

لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام وعندما قمنا بمغادرة المكان كان هناك حوالي ثلث الطعام متبق في الاطباق ..ولم نكد نصل باب المطعم الا وصوت ينادينا .. لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا الى مالك المطعم ..وعندما تحدثوا الينا فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لاضاعة الكثير من الطعام المتبقي .

أجابهم زميلي : " لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لايعنينكن ..؟؟

احدى السيدات نظرت الينا بغضب شديد واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم ..

بعد فترة من الزمن وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وحرر لنا مخالفة بقيمة 50 مارك .

التزمنا جميعا الصمت ..وأخرج زميلي 50 مارك قدمها مع الاعتذار الى الموظف.

قال الضابط بلهجة حازمة : " اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها .. المال لك لكن الموارد للجميع .. وهناك العديد من الآخرين في العالم يواجهون نقص الموارد ..ليس لديكم سبب لهدر الموارد " .

احمرت وجوهنا خجلا ..ولكننا في النهاية اتفقنا معه .

نحن فعلا بحاجة الى التفكير في هذا الموضوع لتغيير عاداتنا السيئة .

قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية .

" المال لك .. لكن الموارد ملك للجميع " .

"" لا تسرف ""

فهناك في بلدك العربي من يتضّور جوعا

ⵉⵖⵓⴷⴰⵏⵜⴰⴼⴰⵙⴽⴰ

وعيدكم مبارك سعيد