في العربة 23
من قطار السادسة وأربعين دقيقة، المنطلق من العاصمة العلمية كما سماها الناس حين
استحقت ذلك، والمتوجه نحو مدينة مراكش عاصمة النخيل، وعلى غرار أغلب القطارات،
وبالمقعد 13 المقابل لمقعدي تجلس فتاة في عقدها الثالث، جميلة، أنيقة، تبدو من
خلال ملامحها وحركاتها (بنت الوقت، ناضية) كما يعبر على ذلك شبان المرحلة.
سبقتني إلى
المقطورة، أطفأت الأضواء، وتكومت في الركن الأيسروأطلقت لهاتفها المحمول العنان
بصوت مرتفع، تتصفح فيديوهات التيكتوك غير عابئة بوجودي، أمهلتها لحظات لتراجع
نفسها، وتعود عن غيها بعدما رمقتها بنظرات اشمئزاز تعبر عن رفضي لهذا السلوك
الهجين، الذي لا يعطي اعتبارا للآخر الذي نتقاسم معه المكان والزمان.
فتاة أخرى تضع
"الكيت مان" واقفة خلف باب المقطورة وحقيبتها تعرقل حركة المارة، رغم
احتجاج بعضهم بأدب لم تهتم..
التحق
بحجرتنا شاب تبدو عليه علامات البداوة،
جلس ومنع شخصا آخر كان خلفه من الجلوس بحجة أن والدته ستلتحق به، ولم يكن لا هو
ولا والدته يتوفران على بطاقة سفر، لما حضر صاحب المقعد للجلوس في مقعده، خاطبه
الشاب البدوي "أنا والواليدة عندنا لاكارط دالتران كانجلسو فينما
بغينا".
ستيني وزوجته
أرقام مقاعديهما متفرقة، طلب من أحد الركاب تبادل المقعد معه ليتمكن من الجلوس إلى
جانب زوجته.
ممرات القطار
مملوءة عن آخرها بالوقوف، وصوت إلكتروني يطلب من الناس احترام أرقام مقاعدهم،
والركاب غير مبالين به، و لسان حالهم يقول، هذا الصوت الإلكتروني ينبغي أن يتوجه
للساهرين على تسيير القطارات بالمغرب لتنبيههم إلى ضرورة توزيع عدد تذاكر مواز لعدد
المقاعد.