تحتفي
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، اليوم السبت، بالذكرى ال19 لإعطاء انطلاقتها من
طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهي ذكرى تتيح الفرصة لتسليط الضوء على
منجزات المبادرة خلال مرحلتها الثالثة، ومعالجة القضايا الأساسية المتعلقة
بالتنمية البشرية في المغرب.
ويتم هذه
السنة الاحتفال بذكرى هذه المبادرة، التي أطلقها جلالة الملك بهدف الحد من مشاكل
الفقر والهشاشة والإقصاء والتهميش، وكذا الحفاظ على كرامة المواطنين من خلال ضمان
مقومات الحياة الكريمة لهم، تحت شعار “الألف يوم الأولى: أساس مستقبل أطفالنا”.
وسيمكن اختيار
هذا الموضوع من تعزيز وتحسيس مختلف الفاعلين المعنيين حول الأهمية الحيوية للأيام
الألف الأولى من حياة الطفل، فضلا عن تعبئة الفاعلين المعنيين لدعم التنفيذ الفعال
للتدخلات وضمان استدامتها.
كما يتماشى
الموضوع مع أهداف المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي ركزت
على تعزيز الرأس المال البشري من خلال الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة، وهو
أحد محاور البرنامج الرابع بعنوان “تعزيز رأس المال البشري للأجيال الصاعدة”،
والذي يولي أهمية خاصة بالتعليم وكذا بصحة وتغذية الأم والطفل.
هكذا، تمثل
السنوات الثلاث الأولى، منذ الحمل وحتى سن الثانية، نافذة للتطور السريع والحاسم
الذي له تأثير دائم على صحة ورفاهية الجيل الجديد في المستقبل.
وسجل المغرب
تقدما كبيرا في مجال صحة وتغذية الأم والطفل بفضل الجهود التي بذلتها مختلف الجهات
المعنية في وضع الاستراتيجيات والتدخلات الرامية إلى ضمان الولوج العادل إلى
الرعاية والحد من وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة والرضع.
ومع ذلك، لا
تزال التحديات قائمة بسبب عدم المساواة في الولوج إلى البرامج الصحية وكذلك
التفاوتات الملحوظة بين المناطق الحضرية والقروية وبين الجهات.
ويزيد معدل
وفيات الأمهات في المناطق القروية مرتين ونصف (111.1 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية)
عنه في المناطق الحضرية (44.6 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية).
وتسجل وفاة
أكثر من 15 ألف طفل سنويا قبل سن الخامسة، 60 بالمائة منهم يتوفون خلال أول 28
يوما من حياتهم.
ولا يزال
الولوج إلى الرعاية ما قبل الولادة غير متكافئ، خاصة في المناطق القروية، وهو
الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى مضاعفات أثناء الحمل والولادة.
ووفقا لبيانات
المسح الوطني للسكان وصحة الأسرة (2018)، فإن الاستشارات ما قبل الولادة هي شبه
معممة، حيث تستفيد منها أكثر من 88 بالمائة من النساء الحوامل.
ومع ذلك، تحصل
53,5 بالمائة فقط من النساء على الاستشارات الأربع ما قبل الولادة التي أوصت بها
قطاع الصحة، مع وجود فوارق كبيرة بين الوسط الحضري (65,6 بالمائة) والوسط القروي
(38,5 بالمائة).
ويواجه بلدنا
أيضا تحولا في التغذية مع عبء مزدوج من سوء التغذية، سواء من اضطرابات النقص أو
الفرط.
ويجب على
المغرب رفع تحديات مرتبطة بالمشاكل المستمرة المتمثلة في نقص التغذية ونقص
المغذيات الدقيقة، لا سيما في المناطق القروية (10,4 بالمائة من الأطفال دون سن
الخامسة يعانون من تأخر النمو في المناطق الحضرية، مقارنة بـ 20,5 بالمائة في
المناطق القروية) وظهور متزامن لاضطرابات الوزن، سواء الوزن الزائد والسمنة،
اللتان أصبحتا منتشرتين بشكل متزايد على مر السنين، بنسبة 10,8 بالمائة و2,9
بالمائة على التوالي في عام 2018.
وفي هذا
الصدد، لا تزال هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية لمعالجة أوجه عدم المساواة المستمرة
بين الأوساط والجهات وإزالة العقبات التي تعوق تحسين صحة وتغذية الأم والطفل في
البلاد.
وقد بذلت
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خلال مرحلتها الثالثة، جهودا كبيرة لتعزيز
الرأس المال البشري للأجيال القادمة، بتعاون وثيق مع القطاعات الوزارية، لا سيما
وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وفي هذا
السياق، قامت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتنفيذ العديد من التدخلات الرامية
إلى خلق بيئة مواتية للتنمية المثلى للأطفال خلال هذه الفترة، مع التركيز بشكل خاص
على صحة وتغذية الأم والطفل.
ومن بين هذه
التدخلات، إنشاء نظام للصحة المجتمعية في ثلاث جهات ذات أولوية (بني ملال خنيفرة،
ومراكش آسفي، ودرعة تافيلالت) من أجل الحد من الفوارق المجالية في مجال الولوج إلى
الرعاية الصحية مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل السوسيو-اقتصادية والثقافية.
كما يتعلق
الأمر بتنظيم حملات تواصل وطنية من أجل التغيير الاجتماعي والسلوكي، استنادا إلى
مقاربات مختبرة دوليا، تهدف إلى تعزيز السلوكيات المثلى لصحة ورفاهية الأم والطفل
خلال الألف يوم الأولى.