اعتمدت
الوكالة الإسبانية لإدارة الملاحة الجوية رسميا على الخريطة الكاملة للمغرب والتي
تُظهر سيادة المملكة على مجالها الجوي جنوبا، مما يعتبر اعترافا رسميا بالحدود
المغربية للصحراء، موافقا على قرار مدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل الأكثر
واقعية .
وحسب موقع
"الصحيفة"، فإنه تأكيدا للخبر الذي سبق وانفرد به ذات الموقع ، بخصوص
استعداد المغرب لتسلم إدارة المجال الجوي لمنطقة الصحراء من إسبانيا، من خلال
إعداد المحطة الجوية الجديدة بمدينة أكادير، شرعت شركة إدارة الملاحة الجوية
الإسبانية رسميا في الاعتماد على الخريطة الكاملة للمغرب والتي تُظهر سيادة
المملكة على مجالها الجوي جنوبا.
ويبدو أن
المفاوضات التي تجريها الحكومة الإسبانية مع نظيرتها المغربية للتنازل عن المجال
الجوي لصالح المغرب باعتباره ذو السيادة الفعلية على أقاليمه الجنوبية، تسير في
مسارها الصحيح، بحيث أظهر الموقع الإلكتروني الرسمي لإدارة الملاحة الجوية
الإسبانية، خريطة تعترف بالحدود المغربية للصحراء، انسجاما أيضا مع قرار مدريد دعم
مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل "الأكثر واقعية" لحل قضية الصحراء.
وبناء عليه،
يُظهر رسم الخرائط المتاح في تطبيق "ويب" المخصص لعمليات الطائرات بدون
طيار، أن الوكالة المتخصصة في إدارة الملاحة الجوية الإسبانية، باتت تعتمد رسميا
على خريطة المغرب التي تشمل الصحراء
المغربية.
وأكدت مصادر
رسمية من إدارة الملاحة الجوية الإسبانية لصحيفة "El
Independiente"
هذا التحول الطارئ على موقع المؤسسة، مشيرة إلى أن "الخريطة مأخوذة من قاعدة
خرائطية لشركة ESRI الأميركية، التي تعد مرجعية في قطاع الطيران على المستوى التقني،
ولا علاقة لها بالقضايا الجيوسياسية".
واكتفت
الملاحة الجوية الإسبانية، بتقديم هذا المعطى للصحيفة الإسبانية، مؤكدة عدم قدرتها
على تقديم "معلومات إضافية" على اعتبار أنهم "ليسوا مصدر المعلومات
"، ويصرون على طبيعته الفنية ويعتبرونه "قرارا منطقيا ومتماسكا مع ما
يتم في القطاع"، كما دافعوا عن استمرار استخدام الخريطة الجديدة في الشروط
الحالية، رافضين تحديد ما إذا كانوا، في مثل هذه الظروف، سيقدمون تحذيرا على
الخريطة كتوضيح.
ويتزامن هذا
المستجد، مع المفاوضات الجارية حاليا بين الحكومة الإسبانية، ونظيرتها المغربية
للتنازل للمملكة عن المجال الجوي للصحراء المغربية، الذي يدار حاليا من جزر
الكناري، وهو ما أكدته مصادر في الخارجية الإسبانية لصحيفة "إندبندينتي"
شهر مارس الماضي، مؤكدة بأن "إسبانيا والمغرب اتفقا على بدء محادثات حول
التعاون في إدارة المجال الجوي، وحول قضايا مثل سلامة الحركة الجوية والاتصالات،
وهذه المحادثات مستمرة".
وقررت الحكومة
الإسبانية، إخراج ملف نقل إدارة المجال الجوي في الصحراء للمغرب، من واقع
"البلوكاج"، وسط حديث عن اقتران حلحلة هذا الملف بشرط مغربي، مرتبط بفتح
جمارك سبتة ومليلية المحتلتين.
وبالنسبة
للمغرب يحظى هذا الملف، الذي بدأت المفاوضات بشأنه منذ أكثر من سنة بأهمية قصوى
خاصة بعد اعتراف اسبانيا بمغربية الصحراء وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي، إذ يحقق
الاتفاق حول الملف حال نقله الإدارة للمغرب العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية
للرباط.
وشنّت
المعارضة الإسبانية هجوما لاذعا على حكومة سانشيز بعد تواتر الأخبار حول دنو موعد
نقل الإدارة الجوية إلى المغرب، ما دفع الحكومة الإسبانية إلى الخروج بتوضيح قالت
فيه إن الأمر لا يتعلق بـ"تنازل" عن إدارة المجال الجوي للصحراء، بل
بمفاوضات حول التنسيق أكثر وتحقيق أمن أكبر للرحلات الجوية في هذه المنطقة، قبل أن
تقدم عشية الانتخابات التشريعية ليوليوز 2023، على إعلان تعليق هذه المفاوضات.
ووفقا لخريطة
منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة تشرف على
الطيران المدني الدولي، فإن سماء الصحراء المغربية يتم التحكم فيها من "أشجار
التنوب" بجزر الكناري، وفي لغة الطيران، منطقة التنوب هي منطقة معلومات
الطيران حيث يتم توفير خدمة معلومات الطيران وخدمة التحذير (ALRS). وتقوم منظمة الطيران المدني
الدولي بتفويض السيطرة التشغيلية على منطقة معلومات الطيران المحددة إلى بلد ما،
وفي هذه الحالة، تقع المنطقة التي تغطي جزر الكناري والصحراء المغربية على عاتق
إسبانيا.
وكانت مصادر،
قد أسرّت لـ "الصحيفة" في وقت سابق معطيات خاصة تفيد بأن المغرب يستعد
لتقسيم مجاله الجوي إلى منطقتين، شمالية وجنوبية، بحيث يظل مركز المراقبة الجوية
في الدار البيضاء مكلفا بالمناطق التابعة للسيادة الجوية المغربية حاليا وهي
المناطق الشمالية، على أن يتولى مركز أكادير المنطقة الجنوبية المكونة من الأقاليم
الصحراوية، فور تسلم إدارة مجالها من مدريد.
وأوضحت
المصادر ذاتها أن المفاوضات جارية حاليا بين الحكومتين المغربية والإسبانية بشأن
التنزيل الكامل للبيان المشترك المعتمد في ختام مباحثات الملك محمد السادس ورئيس
الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في الرباط، والصادر بتاريخ 7 أبريل 2022، بما يشمل
مسألة المجال الجوي للصحراء، والجمارك التجارية في سبتة ومليلية.
وعلى هذا
الأساس يتم الآن إعداد محطة أكادير لتولي دورها الجديد، إذ إن هذه المُنشأة التي
انتهى العمل فيها سنة 2019، والتي دخلت الخدمة قبل سنتين، لها دوران أساسيان،
الأول هو أن تكون بديلة لمحطة الدار البيضاء في حال وقوع أي مشكلة، والثاني هو
تولي إدارة المجال الجوي للصحراء.
ووصفت مصادر
"الصحيفة" محطة أكادير بأنها "جد متطورة"، وقادرة على إدارة
المجال الجوي المغربي كاملا من أقصى الشمال إلى عمق الصحراء، لكن الدور المنوط بها
حاليا يتمثل في كونها "محطة احتياطية قادرة على تعويض نظيرتها في الدار البيضاء
لو تعطل العمل في هذه الأخيرة لأي سبب كان"، أما الدور القادم فسيكون هو تسلم
إدارة المجال الجوي للأقاليم الجنوبية من إسبانيا.
وأوضحت تلك
المصادر أن الطيران المدني المغربي يحتاج حاليا إلى التنسيق مع مركز المراقبة
الجوية الإسباني في لاس بالماس، بجزر الكناري، وهو أمر لا يسري على الطيران
العسكري المغربي الذي يتحرك بحُرية في كامل التراب الوطني للمغرب وفوق الحدود
البحرية.
بالمقابل، يُصر المغرب على تولي إدارة الطيران المدني أيضا في المنطقة، وهو ما يعني أن على إسبانيا إخبار منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" التابعة للأمم المتحدة، بهذا التغيير، ما يُترجم إلى اعتراف ضمني جديد من لدن مدريد بالسيادة المغربية على الصحراء، بعد التأكيد على دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.