بقلم امعمري سليمة / طالبة باحثة بسلك الإجازة في التربية
يجب علينا أن
نتجاوز منطق المهنة الجامدة، إلى منطق المهنة المتحركة الرسالية و الصادقة التي
يحتاج فيها المعلم إلى النية( المقصد)، و القيم الأخلاقية التي تحكم السلوك، وكذا
التكوين الذاتي.
نحن بحاجة
ماسة إلى الرسالة الأخلاقية لمهنة التعليم، والتي تجمل في قوله تعالى
"رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".( البقرة: الآية 129)
فالتعليم هو
صناعة الأمة، و استمرار قيمها و قيامها و ثقافتها في الامتداد الزمني. و هنا لابد
من طرح عدة تساؤلات، منها: إلى أي حد استطاعت المواد التعليمية إنتاج وغرس القيم
في المتعلمين؟ و أين يتجلى دور المواد العلمية في بناء القيم؟ ما هي أبرز التحديات
التي تواجه التعليم؟ وماهي السبل لتجاوزها ؟.
إن مدخل القيم
هو المبدأ و الأساس الذي يجب أن تبنى عليه منظومة التربية و التكوين، كما ينبغي
الإشارة إلى أننا لا نحتاج إلى القيم التي تدرس، و إنما القيم التي تبين و توضح عن
طريق النموذج و بنقل المفاهيم. فالأخلاق هي ممارسة وليست أقوال فقط، فكما أن هناك
النقل الديداكتيكي، هناك أيضاً النقل القيمي الأخلاقي. نحن بحاجة إلى ميدان
التنافس والذي هو الأخلاق.
ما في الأمر
هو أن جميع المواد الدراسية قادرة على حمل القيم، إلا أنها حقيقة تحتاج إلى مادة
التربية الإسلامية التي يجب أن تتوفر في كل المناهج، لأن التلميذ يدرس كمسلم، و
بالتالي الأمر يحتاج إلى التعاون والتكامل بين هذه المواد من أجل بناء القيم، وهذا
طبعاً يحتاج إلى الصبر، و الصدق، و التحلي بأداب الكلام و الحوار في أداء هذه
الرسالة.
كما لا ننكر
أن للمواد العلمية دور كبير في تنمية القيم، حيث أنها تنمي:
- الشعور
بعظمة الخالق: فالمواد العلمية وإلى جانب اعتمادها على المجال المعرفي و الحس حركي
بحسب الغالب، إلا أنها تراعي أيضاً الجانب الوجداني، وذلك من خلال تنمية الشعور
بعظمة الخالق في إتقان خلقه، الذي جعل كل شيء موزون بقوانين طبيعية.
- أيضاً تنمي
التفكير و التأمل في الكون: فالعلوم تعتمد على التفكير العقلي و التصديق بالتجربة،
و من خلالها نحاول فهم الظواهر الطبيعية، وجعلها قابلة للإدراك.
- كذلك معرفة
الغاية من الوجود: وهي عبادة الله تعالى، وذلك من خلال إدراك آياته في خلقه أي في
الكون، قال تعالى "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ
حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ
عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ". (فصلت: الآية 53)
- وكذا
التناغم مع المحيط و الشعور بالأشياء الموجودة فيه، إلى غير ذلك...
إن التعليم
اليوم وللأسف الشديد يعرف مجموعة من التحديات منها: التحدي الكبير وهو فصل القيم
عن المنظومة التعليمية. كما لا ننسى أن بعض المقررات الدراسية في بعض المواد تهدف
إلى خلق تصورات خاطئة لدى التلاميذ، الأمر الذي يحتاج إلى معلم يصحح هذه التصورات
ويعرف كيف يتعامل مع هذه المقررات.
فالتعليم يحتاج
إلى مقاصد و أهداف، وهنا نرجع إلى الأستاذ المعلم، وكما يقول الأتراك:"
اعطيني أستاذا جيدا، أعطيك تعليما جيدا ".
نحن اليوم
نحتاج إلى الأستاذ الرسالي، الأستاذ المنفتح و الفاعل، الأمر الذي يتطلب منا تميزه
بالأخلاق الحميدة و الصدق في تبني المهنة. نحتاج إلى الأستاذ المعلم، كما جاء في
حديث أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: قال ﷺ "إن الله لم يبعثني معنتًا ولا
متعنتًا ولكن بعثني معلمًا وميسرًا". صحيح مسلم
كما ينبغي أن
نعيد للمدرسة و للأستاذ و للمعلم صلاحيتهما التربوية، فالأساتذة و رجال التعليم هم
أباء، وحبهم، وغيرتهم للتلاميذ أمر مفروغ منه، لهذا يجب أن تتعاون كل مؤسسات
التنشئة التربوية مع المدرسة من أجل تحقيق الرسالة الأخلاقية لمهنة التعليم.