بقلم الأستاذة
آمال السقاط الضخامة.
اذا ما
تاملنا مفهوم التربية ورسالتها في وقتنا
الحاضر، فإننا نجد أن هذه الأخيرة وذاك المفهوم قد تغيرا ،هما ايضا تغيرا جذريا.
فمفهوم
التربية ورسالتها ،لم يعدا في وقتنا الحاضر، كما كانا في الماضي عبارة عن
عملية" إكساب الجسم والروح اقصى ما يستطيعان بلوغه من الكمال، كما يقال، او تحقيق السعادة عن طريق الفضيلة
الخالصة" او تحقيق فردية الانسان الى غير ذلك من المدلولات والمفاهيم التي
كانت تطلق على التربية في العصور الماضية.
لقد تغير ذلك
إلى مفهوم جديد، فاصبحت التربية الآن هي عبارة عن مجموع الجهود التي بواسطتها تغرس
الجماعة اغراضها، وقدراتها المكتسبة قصد ضمان استمرار وجودها وتحقيق نموها.....او
هي عبارة عن عملية اجتماعية تهيئها الجماعة للاجيال الصاعدة من ابنائها، لكي تعدهم عن طريق اجتيازها لعضوية الجماعة
والمساهمة في نشاطها والقيام بدور هام، كاملافي تحمل مسؤولياتها لذلك.
فإن مفهوم
التربية ورسالتها في وقتنا الحاضر، اصبح عبارة عن عملية فن وانتاج في وقت واحد،
فهو عملية لأن التربية هي عملية تكوين
المواطنين الصالحين الذين يخدمون الوطن، ويستثمرون خيراته، وهي فن، لأن
التربية هي فن وابداع علم صناعة المواطنين الذين تتكون منهم الجماعة الصالحة
المنتجة، ثم إن التربية انتاج، لانها تنتج لنا نوعا من الثقافة التي تربط بين
الوطن وبين الجماعة التي تعيش فوق اديمه، وبواسطتها تحافظ الجماعة على تماسكها
الاجتماعي، وطابعها الوطني الخاص بها،
وبين بقية الجماعات الاخرى، اذ تتميز عن طريقها الشخصية الوطنية لكل جماعة.
فالتربية اذن
كانت وستبقى مسؤولية عظيمة على الصعيد
الفردي والجماعي، وكذلك الاقتصادي، والسياسي، على اعتبار أنها في المجال
الفردي، عامل اساسي لبناء الإنسان، كما أنها اداة لتوجيهه بمبادئ التربية النافعة
الناجعة بغية الرقي به الى قيم الجمال والنبل و"الكمال "، اما في المجال الإجتماعي، فهي عامل يساعد على
التعايش والتفاهم الاجتماعي المتوج بالسلام والمحبةوالاعتراف بالآخر بصدر رحب،
والحياة في ظل المحافظة على القوانين، ومراعاتها، وهو امر لعمري من الضروري وجوده
لاستمرار حياة جميع المجتمعات.
مجمل القول اذن، ان هناك علاقة بين التربية
والاقتصاد و"السياسة"؛ بل والحضارة، حيث إن قيمة المجتمع لا تتمثل في
معادنه وثرواته فوق الأرض وتحتها، وإنما قيمته مرهونة بالعقول الناضجة الحذقة
المستبصرة المستنيرة، الواعية والمسؤولة، والافراد الذين يعيشون فيه ويعملون
باصرار وصمود، يفكرون يجتهدون باستمرار دون كلل اوملل لهدف ومرمى وغاية.....!
ومن هنا تبقى
الحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى، إلى توعية الأفراد بواجباتهم وبحقوقهم، فما
احوجنا إذن الى تربية صالحة فالحةناجحة، مريحة مثمرة ومربحة، ولنقل بكل بساطة،
تربية متوازنة متكاملة وصحيحة ومربحة!.