اقحمت الجزائر
جبهة بوليساريو الانفصالية في في تدريبات "تمرين مركز القيادة لقدرة شمال
إفريقيا"، إلى جانب مصر وليبيا، في محاولة ليست جديدة لإضفاء شرعية على كيان
غير شرعي والتشويش على علاقة المغرب الوثيقة بالدول العربية.
وسخرت السلطات
الجزائرية وسائل إعلامها بمنصاتها المتعددة للترويج والدعاية لهذه التدريبات التي
لا تبدو على مستوى الأهمية بالنظر إلى تجاهلها التام من قبل وسائل الإعلام المصرية
والليبية، فيما يبدو أن هذه التدريبات مجرد تمرينات روتينية عادية ليست على مستوى
كبير من الأهمية إلى جانب عدم رغبتها بذكر مشاركة الجبهة الانفصالية فيها في تقدير
لحساسية الموقف وعدم الرغبة في إثارة قلق المغرب أو تعكير الأجواء معه.
وحاولت
المنصات الجزائرية إكساب أهمية كبيرة لهذه التدريبات تحت شعار "سلام شمال
إفريقيا 02" في قاعدة عسكرية بمدينة جيجل الجزائرية وتكثيف الأخبار عنها.
واقتصرت
الأخبار حول التدريبات، على الرواية الجزائرية وبحسب ما أفاد بيان لوزارة الدفاع
الجزائرية، تضم منظمة "قدرة شمال إفريقيا"، التابعة للاتحاد الإفريقي في
عضويتها كلا من الجزائر ومصر وليبيا وتونس وموريتانيا؛ إضافة إلى الجبهة
الانفصالية التي تأتمر بأمر الجزائر.
وأكد متابعون
أن الهدف واضح في الرغبة بالتشويش على علاقات المغرب مع الدول المشاركة إذ سبق أن
اقحمت الجزائر بوليساريو في فعاليات إقليمية وحاولت دق أسفين بين المغرب وتونس
بالضغط على الأخيرة لاستقبال زعيم بوليساريو في قمة طوكيو للتنمية في إفريقيا
"تيكاد 8"، في غشت 2022.
وجاء ذلك على
خلفية إعادة فتح الحدود البرية بين تونس والجزائر بعد إغلاقها أكثر من عامين بسبب
انتشار وباء كوفيد-19، وبدأ عبور المسافرين بوتيرة عادية، وهو ما استغلته بوليساريو
للترويج لزيارة زعيمها إبراهيم غالي إلى تونس على منصاتها وعلى مواقع التواصل
الاجتماعي.
وغابت صور
استقبال غالي عن الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية على فيسبوك التي عادة ما تغطي
جميع نشاطات الرئيس قيس سعيد والأحداث الرسمية، فيما تناقلتها وسائل الإعلام التونسية
ووكالة الأنباء الصحراوية التابعة لجبهة البوليساريو.
وعلق متابعون
على الخطوة الجزائرية غير المفاجئة مؤكدين أنها تسعى إلى إضفاء نوع من الشرعية على
الكيان الانفصالي، وذلك في ظل تصاعد الدعوات لتجميد عضوية هذا الكيان في الاتحاد
الافريقي، كما أنها تأتي في ظل تمكن المغرب من كسب دعم سياسي كبير وتأييد عربي
وأفريقي ودولي لسيادتها على أقاليمها الجنوبية، وهو الدعم الذي تجسد من خلال فتح
قنصليات وتمثيليات دبلوماسية أفريقية بكل من مدينتي العيون والداخلة بمنطقة
الصحراء المغربية.
وأضافوا أن
مشاركة عناصر بوليساريو في هذه التدريبات يفقد الآلية الإفريقية مصداقيتها ويقوض
كل الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والسلام في إفريقيا وبشكل خاص في منطقة
الساحل والصحراء الإفريقية التي تعد من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من
الهشاشة الأمنية والتهديدات الإرهابية وتصاعد المخاطر المهددة للاستقرار الإقليمي،
كما تعطل الجهود الإفريقية لتحقيق السلام والأمن في المنطقة.
وأكدوا أن
الجزائر تستغل الجبهة الانفصالية لإضعاف المغرب، وأيضا لقطع ارتباطها بإفريقيا
جنوب الصحراء، ولا يرتبط الأمر بالقيم والعدالة كما تدعي في دعايتها بل باستغلال
أي فرصة لتصفية الحسابات وضرب استقرار الرباط.
وتخرج أصوات
من داخل الجزائر نفسها مستاءة من دعم بوليساريو الذي يكلف الجزائريين الكثير من
الثروات الطائلة، في حين أن الظروف الاقتصادية للمغرب أفضل بكثير على كل المستويات
وأي تصعيد في الصحراء المغربية سيزيد من حجم الخسائر الجزائرية أكثر باعتبارها من
تدفع الفاتورة.
وبينما تعمل
الجزائر على ضرب علاقة المغرب مع دول القارة الأفريقية عبر جبهة بوليساريو، اختارت
الرباط أن تكون على الجانب الإيجابي، واستطاعت أن تخطو خطوات أساسية في اتجاه
تنمية علاقات ثنائية جيدة من داخل الاتحاد الأفريقي، وكسر الاستقطابات الإقليمية
التي يشكل فيها محور الجزائر العنصر الأساسي، مع محاولته تسييس الاتحاد الأفريقي
والابتعاد به عن أهدافه الأساسية وقضاياه الراهنة الحقيقية، التي يجب أن تصب في
اتجاه تنمية القارة و المواطن الأفريقي بدلا من دعم جماعة البوليساريو التي لا
تقدم شيئاً للقارة الأفريقية عبر نشر الاضطراب أو عدم الاستقرار.
واعتمد المغرب
أيضا على مقاربة محاربة الإرهاب وكان فعالا أكثر من الجزائر على هذا الصعيد، وحاز
ثقة الغرب لأن المملكة اعتمدت على أبعاد كثيرة، إذ دعمت دول غرب أفريقيا التي قامت
بشبه تكتل عسكري وتعزيز الأمن الروحي والأمن الشمولي في أفريقيا.
العرب