بقلم عبد الحي
الرايس
الأسرة نواةُ
المجتمع، وخليتُه الأولى تقوم على زواج مُعْلَن، وعَقْدٍ مَمهُور بالمودة والرحمة
والصفاء، والثقة والوفاء، تُنجب الأبناء، وتسهر على تنشئتهم متشبعين بحب الأوطان،
وبكل قيم الخير والحق والجمال.
وتراها في
ربيعها وفي مختلف فصولها متماسكة راعية، تُقيم علاقاتها على الأمانة وحفظ العهود،
وتكون نبراساً لكل مولود، تُخلد عيدها الفضي بعد انصرام عَقدين ونصف على الحدث
السعيد، ثم الذهبي بعد مضي خمسة عقود، وتستقبل العمر الثالث إلى نهاية المطاف بكل
تفاؤل وأمل، وتسانُد وحَدَب.
ومجتمعٌ
عِمادُه الأسرة، يصونها، ويدعمها، يحافظ على مقوماتها، ويدرأ عنها كل ما يهدد
سلامة بنيانها هو مجتمع يَقْوَى ويشتد، يتبصر مواقع خطاه، يصون مرجعيته، ولا ينساق
مع الأهواء، وتيارات التفسخ والتحرر والانحلال تهُب من كل اتجاه، تبدِّدُ شمل
الأسر، وتجعل كرامتها ووحدة كيانها في خبر كان.
نعم للإنصاف
حتى لا يجور طرف على آخر، وحذار حذار من الاندفاع في الترضيات إلى حد الإخلال
بثوابت الشرع وضمانات الاستقرار والاستمرار.
للحوار
تجاذباتٌ ومرجعيات، ورأسُ الحكمة أن يُؤخذ منه ما يُنصفُ ويُفيد، ويُنبَذَ كل ما
يُوهِنُ الوحدة وعن الجادَّة يَحِيد
وكم كان
الأجداد والآباء حريصين على الوحدة، ولَمِّ شتات الأسرة، يفُضون النزاعات، ويدَبِّرون
الخلافات بخير الوساطات، فلْيَسْتلهم الخلَفُ محاسن السلف، ولْتَأْتِ اجتهاداته
مُعزِّزة بانية، برؤية حصيفة متبصِّرة هادفة.