بقلم الأستاذ
حميد طولست
رغم قساوة
الزلزال الذي ضرب المغرب فقد خلف العديد من اللقطات والمشاهد والصور المتنوعة
والحكايات والروايات ذات الدلالات المختلفة ، التي تُنوسي بعضها في زحمة الحياة ،
إلى لأن برع أحد متشردي شوارع مراكش - مع اعتذاري على هذا النعت -تحريك أسئلتها
الوجودية من خلال القصة/الخبر الطريف المحزن التي نُشرت صبيحة الفاجعة الرهيبة على
تطبيق "التيك توك" ، وعبر
الفيديو الذي يسرد فيه ،وبنشوة وزهو خارقين ، حدث بيات قاض وزوجته ليلة الزلزال في الخلاء بجانبه ، قائلا :"والله حتى بات حدايا في الزنقة
قاضي ومراتو مخلين دارهم ومالهم ومتاعهم وملابسهم وطبلتهم العامرة بالطعام
والفاكهة ، وجاو يباتو معنا حنا كلاب الشوارع الشاردة - خاتما قوله - الحمد لله
على الخوف اللي ردنا بحال بحال"
القصة التي
لاشك أن "شمكار مراكش " قد نجح من خلالها ، وبكل مهارة وبراعة في إيصالِ
حقيقة دلالة قصته التي تتجاوز صورة القاضي وزوجته اللذان دفع بهما الهلع للاحتماء
بالفضاءات التي يستوطنها مشردو المدينة ، لتفضح المنسي والمتواري والمتحجب من
المستخلصات التي يمكن اعتبار منطق
"السواسية" التي أمسى معها "بحال بحال " كما صرح بذلك
"شمكار مراكش" في قصته التي لخص فيها كيف حولت صدمة الزلزال الجماهير
إلى حفنة من الضعفاء يدفع بهم الخوف والهلع للجَـري والتسابق نحو الخلاء والحدائق
والساحات وعراءات مدينة مراكش ، وغيرها من المناطق التي هـرع إليها الناس خارج
البيوت ، التي يزاحمون فيها من كانوا يعتبرونهم "شمكارة" خوفا من فاجعة
الزلزال ، واستجداء للنجاة من الموت المرتقب ، الذي يصبح معه الناس متساوين ، لا فـَرق بين المحتاج منهم
والميسور ،ولا بين الموظف والعاطل ، ولا بين الحاكم والمحكوم، ولا بين العَـدو
والصديق ، ولا بين الطيب والخبيث، الكل محكوم بمنطق "السواسية" التي
تتلاشى معها كل صور الغطرسة والمكانة الاجتماعية، وكل زهو المناصب والمواقع
الوظيفية ، وكل تسلط من يعتقدون أنهم يملكون مصائر البلاد والعباد ، القصة التي
لاشك سيشكل درسا يدفع بالجميع لإعادة حساباتهم وترتيب حياتهم بعد الزلزال بما يليق
بمنطق السواسية التي عبر عنها "شمكار
مراكش" و حكيمها ، بلهجته المراكشية الجميلة في نغمة نطقِه لحروفِها وإظهاره
للكلماتِ..