تكافؤ الفرص
في الحقل التعليمي المغربي: أسئلة حول السياسات التعليمية والتفاوتات المجالية
والنماذج الثقافية
ينظم مركز
الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى، لقاء دراسيا حول موضوع: "تكافؤ الفرص في
الحقل التعليمي المغربي: أسئلة حول السياسات التعليمية والتفاوتات المجالية
والنماذج الثقافية"، وذلك يوم السبت 28 أكتوبر 2023، على الساعة الثالثة بعد
الزوال بقاعة الندوات – دار المحامي ( 68
شارع المقاومة الدار البيضاء تقاطع شارع محمد الخامس وشارع المقاومة).
يشارك في هذا
اللقاء ثلة من أساتذة باحثون ونقابيون وفعاليات مدنية مهتمة بقضايا التعليم
بالمغرب، في مناقشة لمحاور حول تكافؤ الفرص في سياق المعاهدات والمواثيق الدولية
والدستور المغربي وميثاق التربية و التكوين؛ ثم تكافؤ الفرص كنتاج للسياسات
العمومية في الحقل التعليمي، فمبدأ تكافؤ الفرص على ضوء التفاوتات المجالية،
وتناقضات النماذج الثقافية في الحقل التعليمي.
أرضية اللقاء:
إذا كان لمبدإ
تكافؤ الفرص مكانة محورية كونية ومحلية في المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق حقوق
الانسان ومقتضيات الدستور المغربي والميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن تجسيد
هذا المبدأ في الحقل التعليمي المغربي يصطدم بالسياسات التعليمية والتفاوتات
المجالية وتناقضات النماذج الثقافية التي تنتج اللامساواة بين المتعلمين، وترسخ
لأشكال تمييزية مضمرة وعلنية، تشعر المواطن بأن التعليم مجرد حقل لإعادة انتاج
التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، رغم شعارات تكافؤ الفرص التي تسوق
لها المدرسة المغربية .
ليست قيمة
تكافؤ الفرص في التعليم المغربي منعزلة عن السياسات العمومية والتفاوتات المجالية
وتناقض النماذج الثقافية في المجتمع المغربي. فرغم أن السياسات العمومية في ميدان
التعليم توجهت إلى إرساء الأسس المشتركة التي ينبغي أن تقوم عليها المدرسة
المغربية، فإن تنوع العرض التعليمي، وتعدد الفاعلين – الخاص والعام والبعثات
الاجنبية- المتدخلين فيه، يجعل اللاتجانس اللغوي والقيمي والتعليمي سمةٌ بارزة في
الحقل التعليمي المغربي، وهي السمة ذاتها التي تنتج أشكالا من اللاتكافؤ في الحقل
التعليمي.
تظهر في سوق
العروض التعليمية تباينات وتفاوتات لغوية وقيمية وتعليمية باعتبارها تجسيدا لنماذج
تربوية مختلفة في الحقل التعليمي؛ فمكانة اللغات الأجنبية في التعليم العام ليست
نفسها في التعليم الخاص، والتناقض الملاحظ في استخدام المقررات التعليمية -
الوطنية أو الأجنبية- الحاملة لأنساق قيمية مختلفة. فهذا السوق التعليمي يتحرك وفق
منطق الطلب والعرض، حيث تحظى فيه العروض التعليمية المنسجمة مع حاجيات سوق الشغل
بجاذبية أكثر مقارنة بباقي العروض، ولو على حساب التعاقدات المجتمعية.
بقدر ما يمثل
تنوع العرض التعليمي قيمة مضافة وإغناء للتجربة التعليمية بالمغرب، فإن تحرك السوق
التعليمي خارج نطاق سلطة الدولة وسياساتها العمومية من شأنه إرساء اللاتجانس في
التعليم المغربي، وتكريس اللامساواة في العروض التعليمية بين العام والخاص
والأجنبي، ما ينتج هوة تُستَثمَر في سوق التعليم المغربي للرفع من شأن التمدد
المتزايد للعروض التعليمية الخاصة والأجنبية، والحط من قيمة عروض التعليم العام،
وبالتالي المس بمكانة مبدأ تكافؤ الفرص في صفوف المتعلمين.
ليست
اللامساواة في تكافؤ الفرص في الحقل التعليمي وليدة اختلالات السياسات العمومية في
ميدان التعليم لوحدها، بل يمكن التفكير في مبدأ تكافؤ الفرص عن طريق استدعاء
التفاوتات المجالية، وما يضمنه كل مجال جغرافي من بنيات تحتية وتعلمات موازية تكون
لها مردودية على جودة العرض التعليمي؛ فما دام المجال القروي يعرف إيقاعا تنمويا
بطيئا مقارنة بالمجال الحضري، ويسجل نسبا من الهدر المدرسي نظرا لمحدودية البنيات
التحتية- المدارس ودور الطلبة والمراكز الثقافية...-، وضعف في تعميم التعليم
الأولي، وغياب للنقل المدرسي، فإن ما يعتري المجال القروي من محدودية تنموية شاملة
يشكل أرضية خصبة لتوليد اللامساواة في تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
لا يقدم الحقل
التعليمي المغربي مجرد منتجات لعروض تعليمية صرفة، بل إنه حقل يُضمر تسويقا لنماذج
ثقافية تتحرك بشكل كوني في سوق ليبرالية مفتوحة، وهي نماذج تتمدد في المجتمعات
التي تعتريها إكراهات في تفعيل تعاقداتها الداخلية في نموذجها الثقافي وسياساتها
العمومية، وبالتالي يمكن فهم أشكال التعسف الثقافي المضمرة التي يتعرض لها النموذج
الثقافي المحلي، وما يَنتُجُ عن هذا التعسف من مظاهر اللاتكافؤ في الفرص
التعليمية. فجاذبية النماذج الثقافية الأجنبية وتمددها في السوق المغربية يعود إلى
ضعف المنظومة التعليمية المحلية في إنتاج نموذج ثقافي يمنح معنى ثقافيا لتحصيل
وإنتاج المعرفة العلمية، وينتج الاستعدادات الثقافية التي تجعل المتعلم المغربي
قادر على مواكبة التحولات المحلية والكونية، وكذا منافسة النماذج التعليمية
الأجنبية في إنتاج المعرفة العلمية.