adsense

2023/09/11 - 9:55 م

 

بفلم ابراهيم فارح

سرّ نجاح الأمم أن تسود بين أفراده المحبّة والألفة، فبالتّعاون والتكاتف تواجه المجتمعات الكوارث والمصائب والملمات.

ومع مسار حياة الإنسان باتت هذه القيم ضرورة حيث يستحيل على أي إنسان أن يحفظ حياته بمفرده، لذلك كان التعاون والتلاقي والتضامن ضرورة، وهو الذي "تشكلت من خلاله الجماعات البشرية في مجموعات قبلية أو وطنية وقومية لتأمين الحماية للإنسان أمام تبدل العوامل الطبيعية،أو ما يكون من حوادث ونوازل."

ونحن في هذه الأيام العصيبة، ما أشد افتقارنا إلى التخلق بالرحمة والتعاطف والتكافل، وهذه القيم العظيمة التي تضمّد جراح المنكوبين، والتي تواسي المستضعفين المغلوبين، وتدخل السرور على المحزونين، وتعين المشردين والنازحين، بسبب ما خلفه هذا الزلزال من خراب ودمار، ولا سيما في هذا الوقت بالذات، الذي تتعرض فيه كثير من مناطق المغرب وقراه  للشدائد والمحن.

فكيف لا يسمع صرخات الأطفال، وأنين الثكالى، وحنين الشيوخ، ورجاء الضعفاء، إلا من تلاشت فيهم الرحمة، وقست قلوبهم، فالمسلم لا يعيش لنفسه وحسب، بل لابد أن يتعدى نفعه، وخيره للآخرين، وفي وقت الشدائد والمحن والنكبات يكون الأمر أعظم، وفيه تظهر صورة المجتمع المسلم المتماسك والمتراحم والمتعاون،

وهذا أساس المحافظة على هذا المجتمع من الزوال والانهيار ؛ إذ يحمي بنيان المجتمع من التصدع ، كي تستمر فيه الحياة وتنمو تزدهر .

والمغاربة أهل جود وكرم، وما عشته من محبة وقوافل تضامن، تنطلق من مختلف مدن المغرب في الشمال كما الجنوب شرقا وغربا،  لما يثلج الصدر، ويبعث على العزة والفخار، بهذا عرف أهل هذا البلد الطيب، وإن عبثت ببعض قيمهم تصاريف الزمن ونوائب الحداثة، ولكن عند الملمات تعود ذاكرة العطاء ونكران الذات، والمغاربة هم "البحرُ من أي النواحي أتيتَهُ فلُجّتُهُ المعروفُ والجودُ ساحِلُهُ".

ورغم هذه الهمة العالية والروح الطيبة، هناك من يجعلون للشك أجنحة يحوم بها حول هذا العمل الإنساني، ويفرغون الثقة من محتواها، فيصمون آذانهم ولا يسمعون إلا للغة القوة، ومنطق القدرة، ومبدأ المصلحة الشخصية، ثم يجنحون بخيالهم المريض أمام الجموع، ليشككوا في كل مبادرة إنسانية، ويتساءلون عن القائم عليها، ماذا لو لم يكن يحمل بين جوانحه ضمير المؤمن  الحي،؟ لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموال طائلة، ولو كانت على حساب البطون الجوعى، والأجساد العارية، وآهات المرضى والجرحى والثكالى، وهموم أصحاب الحاجات!.

 فأمثال هؤلاء عصا في العجلة، تعرقل تحركات أهل الخير، وتقوم بالقراءة القبلية للنوايا وسوء الظن بالمقاصد، الأمر الذي يثمر انسحابا للمواطن من الإسهام في تحمل المسؤولية، وفتورا في الانخراط في القضايا المجتمعية، واتكالا على المجهودات الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتظل دائما محدودة ودون التطلعات.

إن التضامن والتعاون هي تجليات إيجابية للتفاعل الإجتماعي، وهذه الخصال القابلة للنمو في نفس الانسان، هي التي تبعث الحياة والنمو في المجتمع والامة وتجعلها آمنة من الكوارث والازمات، وإن ألمّت بها، فهي قادرة على معالجتها بأقل الخسائر.