بقلم عبد الحي
الرايس
أمَّا زلزالُ
ثامن شتنبر بالحوز ومُحيطِهِ الشاسع، فكان عنيفاً، أتى على الناس وكثيرٌ منهم
نِيَام، فهَوَى بالبُنيان، ونَثَرَ صخور الجبال، حطم المسالك، وبَدَّدَ شمل
العوائل، أَيَّمَ النساءَ والرجال، ويَتَّمَ الأطفال، وأصبحتْ كثيرٌ من مداشر
الأطلسِ الشامخِ في خبر كان.
وأمام ذُهُول
الناجين، تفجرتْ ينابيعُ الرحمةٍ شلالاتٍ دافقةً بالمياه، تروي الظمآن، وتنهمر من
أعالي الجبال، واعدة بالخير والنماء.
وتلاحقتْ
ينابيعُ الخير تُضَمِّدُ الجراح، وتُواسي كل مُصاب، تَسُدُّ الخصاص، تُسلط
الأضواء، تُسرِّعُ الإيواء، وتتعهد بإعادة الإعمار.
تحركت القوات
الوطنية تُنقِّبُ وتنتشل، تُنقِذ وتُعالج، تُزيحُ الصخور عن المسالك، وتتنقل بين
المداشر، تنشر الأمان، وتُسْنِدُ كلَّ غَلْبان.
وانطلقت
جحافلُ الدعم من أقاصي شرق البلاد ووسطِها وشمالها، غربِها وجنوبِها، تَحْمِلُ
المُؤَن، وتؤكد للعالم وحْدةَ الوطن، مُبدِّدة آثار ظهيرٍ بائِد، اصْطنعهُ
استعمارٌ غاشم، ناشرةً ألوية الإخاء، مُتعهدةً بمواصلةِ الدعْم، وتلبية النداء.
أعلن ملك
البلاد الحِدَاد، وآذَنَ بفتح حساب خاص، وعَدَّد مبادراتِ التدارُكِ والتهوينِ
والمُواساة.
وهَبَّتْ
أقطارٌ صديقةٌ للإغاثةِ والنجدة، فلقيَت الترحيب، وأكدتْ حضورَها بالكفاءة
والخبرة.
وأبت الكفاءات
الوطنية ـ كُلٌّ في مجال اختصاصه ـ إلا أن تَنْغمِر في قلب الحدث:
إعلاميون
يُواكبون الفاجعة، يُغطُّون الوقائع، يُؤنسون ويُحاورون، وعلى كل جديد طارئ
يُطْلِعُون.
وخبراءُ في
الزلازل، للوعي ينشرون، ولكل مُستنصح سائل يُفيدون.
وأطباءُ في
مُختلِف التخصصات للإسعاف يتحركون، وفي معالجة الأدواء يُسارعُون.
ومهندسون
يُشخصون ويُخططون، ولتفادي هول الكوارث يقترحون، وفي إعادة الإعمار يُبدعون.
وجَمْعيُّون
يتعبأون، لكل مبادرة يدعمون، ولأوْجُه الدَّعم يُعدِّدُون.
وتتلاحق
المبادراتُ المُبْدِعَة، المُطَمْئِنَة والواعدة:
فهذه منظومة
"مكفولي الأمة" تستوعب اليتامى، وتتعهدهم باستكمال التنشئةِ والرعاية.
وهذه مؤسساتُ
مراكش، عاصمةِ الجهة تستقبل جموع التلاميذ والتلميذات بكل ترحيب وحفاوة، لتؤمِّنَ
لهم الإيواءَ ومواصلة الدراسة، في إطار من الطمأنينةِ والكرامة.
هَوْلُ
الكارثة يٌفْجِعُ ويُؤْسِي، وينابيعُ الخير تُلْهِمُ وتُنْسِي، فعسى الآتي يكون
أفضل، وعسى التدارك يأتي بالأقْوَم والأمْثل.