بقلم حسن
العطافي صحافي مغربي (بوابة دار الهلال المصرية)
تبقى لشهر أغسطس
(غشت) في المملكة المغربية أهمية بالغة، ففضلا عن كونه شهر العطل السنوية وحفلات
الأعراس، كما هو في الكثير من الدول، فإنه يحق للمغاربة أن يلقبوا هذا الشهر
بـ"شهر الوطن".
فبالإضافة إلى
ما سلف ذكره، يشهد الشهر الثامن، كما يحلو للكثيرين تسميته، ذروة عودة المغتربين
من بلدان المهجر، ويجري خلاله الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر؛ في اليوم العاشر،
وذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب؛ في الرابع عشر، وثورة الملك والشعب؛ يوم 20، وعيد
الشباب (عيد ميلاد جلالة الملك محمد السادس) يوم 21.
باستثناء اليوم
الوطني للمهاجر، الذي يحتفي بمغاربة العالم، يستفيد عموم المواطنين المغاربة من
عطلة مؤدى عنها أيام 14 و20 و21 غشت، الذي يعد شهر الوطن بامتياز.
حسب
التسلسل التاريخي للاحتفالات. يأتي تخليد ذكرى استرجاع وادي الذهب؛ وهي جزء من
الصحراء التي استرجعها المغرب سنة 1975، فبعد أن قضت محكمة العدل الدولية في لاهاي
بوجود علاقة البيعة بين القبائل الصحراوية، أسقط في يد المستعمر الإسباني، واضطر
للتخلي عن أطروحة كونه وجد أرضا خلاء فاستوطنها.
وقرر الملك
الراحل الحسن الثاني؛ آنذاك، تنظيم مسيرة خضراء مشيا على الأقدام، شارك فيها 350
ألف متطوع مغربي ومتطوعون عرب من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية
المتحدة، إيذانا باسترجاع المغرب لأراضيه.
وكانت الصحراء
المغربية تنقسم إلى إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب، واختار الحسن الثاني أن
يخضع الإقليم الأول للنفوذ المغربي والثاني لنفوذ موريتانيا؛ الجار الجنوبي الذي
كانت تربطه به علاقات سياسية جيدة، فضلا عن رابطة الدم تاريخيا بين القبائل
المغربية والموريتانية.
ولما تغير
النظام، وبدت سنة 1979 بوادر الاستسلام لأطروحة التراجع عن وادي الذهب وإنبات مكون
جديد في المنطقة، هب أعيان الإقليم إلى الرباط؛ عاصمة المملكة المغربية وبايعوا
الملك الراحل الحسن الثاني، يوم 14 غشت، كما جرى انتشار الجنود المغاربة في الإقليم
وإحباط كل المناورات.
ومنذ ذلك
التاريخ، أضحى المغرب يخلد ذكرى استرجاع وادي الذهب يوم 14 غشت من كل عام.
جاء الحدث
السابق على بعد أيام من تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب في العشرين من غشت من كل
عام، هذا الحدث الذي يعود للعام 1953، واقترن فيه نضال الملك والشعب، إذ ظل الراحل
محمد الخامس والأسرة الملكية مصممين على رحيل المستعمر الفرنسي وتحرير الوطن.
وكان ذلك الموقف
ممثلا لعموم الشعب، ولما قررت سلطات الاستعمار تنفيذ مخطط نفي الأسرة الملكية،
أطلقت شرارة ثورة مغربية خالصة، شارك فيها الشعب الملك، وهذا ما يميزها عن غيرها
من الثورات التي تستهدف الحكام، ففي المغرب توحد الحاكم والشعب، وثارا في وجه
المستعمر، ولم تفلح إزاء هذه الثورة محاولات شق الصفوف، ما هز فرائص المستعمر
الفرنسي ليضطر بعد ذلك إلى الرحيل ويؤشر لعودة الملك الراحل محمد الخامس.
ويتمثل الحدث
الوطني الثالث، الذي يميز شهر غشت، في عيد الشباب. وهو عيد ميلاد جلالة الملك محمد
السادس، الذي يصادف 21 غشت من كل عام، وقد أضحى هذا اليوم عيدا وطنيا بعد اعتلائه
العرش سنة 1999، إذ يعد يوم ميلاد الملك عيدا.
ثلاثة أعياد
وطنية تشكل فرصة ليس فقط للاحتفال والاستفادة من عطلة، بل أيضا للوقوف عند محطات
مهمة في تاريخ المغرب الحديث، وتذكير الجيل الناشئ بمناسبات مهمة، لاسيما منها
المتعلقة بنضالات الآباء والأجداد.
ويبقى هذا
الشهر، الذي يعتبر شهرا للوطن، منفردا، لأنه يشهد ثلاث مناسبات وطنية، ويليه شهر
نونبر الذي يحتفى في يومه السادس بذكرى المسيرة الخضراء وفي الثامن عشر منه بعيد
الاستقلال، والخروج من مرحلة مواجهة المستعمر التي سماها محمد الخامس الجهاد
الأصغر، والدخول في عهد الجهاد الأكبر الذي يتمثل في بناء مغرب الحرية والاستقلال،
وهي المهمة التي تتحملها الأجيال المتعاقبة.