بقلم الأستاذ
حميدطولست
الجميع يؤمن بأن
الرياضة بشتى أنواعها -بما فيها كرة القدم ، ذكورية كانت أم نسائية – هي هواية وفن
، فوق أرجوحة الفوز أو الخسارة وما تخلقه من مشاكل تعصب رياضي ، سببه سوء ممارسة
التشجيع ،الذي تعاني جل الرياضات
التنافسية ولاعبيها من التغول الكبير لعدم فهم معاني "الفوز والخسارة"
الذي أصبحت معهما أحوال الرياضيين النفسية مرهونة بردود الأفعال الإيجابية أو
السلبية التي يتلقونها من الجماهير المشجعة الغاضبة على خسارة فرقها ،أو تلك السعيدة بفوز أنديتها ، والتي لا تدرك غالبيتها
، بأن الرياضة أكبر بكثير من الفوز والخسارة ، اللذان هما نتيجتان حتميتان لأي مباراة
تنافسية في أي رياضة ، وعلى رأسها كرة القدم ، التي تشكل فيها التنافسية -أكثر من
مثيلاتها من أنواع الرياضات الأخرى- قيمة رياضية أساسية ، لا يعلو فوقها أي شيء
آخر ، وعنصرا مكملا لجوانب الإثارة والمتعة في البطولات الرياضية المعتمدة على
الشد والجذب ، الذي ينعكس سلبا أو إيجابا على المتنافسين في حال الفوز أو الخسران
الرياضي ،الذي يمنح الأفضلية لأحد المتنافسين ، كالذي حدث مع المنتخب الألماني
الذي لم يستطع الحفاظ على فوزه الثمين الذي حصل عليه بهزم سيدات المغربي في أول
مواجهة لهما وبحصة ثقيلة جدا ،والذي انطبقت عليه المقولة الدائعة :"ليس المهم
أن يفوز الإنسان ولكن المهم أن يحتفظ بفوزه ، لأنه يقال من السهل أن تفوز، ولكن من
الصعب أن تحتفظ بالفوز" ، بخلاف "لبؤات الأطلس" اللواتي تقبلن
الخسارة ، رغم قساوتها، وفهمن معنىاها وجعلن منها نقطة بداية لتصحيح أخطائهن
وإعادة ترتيب أوراقهن والنهوض من جديد ، أكثر قوة وثقة وعزم وإصرار على تحقيق
النجاحات ، يحدوهن الأمل والطموح والتحد النابع من إيمانهن الراسخ بأن:"
العيب ليس في السقوط ، بل في البقاء ساقطا في مستنقع الفشل ، واعتقادهن المتواصل
والمتمدد ، بأنه بإمكانهن النهوض مجددا .
فما أعظمهن من
بطلات ، لم يستسلمن للفشل ، وعاودن النهوض المشرف لصورة الكرة المغربية ، ضدا في
كل ردود الأفعال السلبية ، والتصاريح النارية التي تلقينها نتيجة الخسارة ، والتي
لا يمر يوم دون أن تصدر مئآت التعليقات المتعصبة وآلاف التصريحات النارية الحاقدة
، التي تنم بشكل أو بآخر عن العقلية المرضية لأشباه الإعلاميين الذين لا يعرفون أو
يتجاهلون المعنى الحقيقي لمفهوم الروح الرياضة ، أهم المبادئ التي تسمو بالرياضات
فوق تفاهات التعصب والخلافات ، والذين لم يشفع لسيدات المغرب لديهم ، ما بدلنه من لا مجهودات الجبارة في
مواجهة خصم عنيد من حجم المنتخب الألماني المحتل للمركز الثاني في التصنيف العالمي
، والمتربع على عرش المونديال النسوي لمرتين .
ولم يشفع لهن
عندهم ،شرف تمثيلهن للكرة النسوية الوطنية
والمغاربية والعربية والإفريقية ، بمشاركتهن في المونديال النسوي .
ولم يشفع لهن
عندهم ، حفاظهن على توازنهن النفسي والفكري ونهوضهن من جديد رغم الهزيمة الثقيلة 6
0 ، كمنتخب مغربي متماسك ورائع.
ولم يشفع لهن
عندهم ، نجاحهن في تغيير نظرة الجمهور الواسع إلى كرة القدم النسائية ، وفرض
احترام ممارِساتِها وعدم الإساءة إليهن أو التحرش بهن .
ولم يشفع لهن
عندهم ، انتصارهن على أنصار الفكر الظلامي
، والبلادة الفكرية والسياسية ، والثقافة الذكورية السائدة ونخبها الرجعية
المتخاذلة ، العدو المجتمعي التاريخي الذي يحط من قيمة المرأة ويحرم رياضاتها
النسوية وممارساتها.
فرفقا بلبؤات
المنتخب المغربي اللواتي أبهرن المغاربة
والعالم بفوزهن التاريخي – رغم البداية المتعثرة أمام منتخب ألمانيا-على كوريا
الجنوبية (1-0) وعلى كولومبيا بنفس النتيجة ، وتحقيقهن التأهل عن جدارة واستحقاق ،
"الأمر الذي فتح شهية محبي ومشجعي المنخب النسوي المغربي للمزيد من
الإنتصارات ،التي لا شك أن اللبؤات سيبهرن
العالم بها في المباريات المقبلة ،ويدخلن
التاريخ من خلال الظفر باللقب العالمي للسيدات ، فالدعم كل الدعم للمنتخب الوطني
النسوي، الذي مازال في بداية مشواه ، فهذه ليست سوى البداية.