بقلم الأستاذة
امال السقاط الضخامة
الملحون وما
ادراك ما الملحون.،إنه فن وتراث وتاريخ،إنه رسالة وامانة،وعرف وحس موزون،حدس
الجمال و الاتقان والإبداع المتمرس لقرون،قد نظم قصائده الحرفيون والسلاطين،حيث
يعتبر بحق رسالة ابداع فني من السلف الى الخلف،تشخص معانيه،اعراف،وعادات،وتقاليد
مختلف المدن مع ذكر ما يطبعها من خصوصيات
الحرف والعمران،والاماكن،والاصالة،وكذلك ما لذ وطاب من اطباق الطعام الشهية،واشكاله المختلفة المتنوعة التي
يتميز بها المطبخ المغربي عامة،ناهيك عن تغنيه بالقفطان المغربي الاصيل،وما يرافقه
من حلي،رفيع في إشارة ضمنية الى الصناعة التقليدية ،والانامل الذهبية التي حاكت
فابدعت،و صنعت فاثقنت ثم خلدت.
هذا دون ان ننسى
ما تتضمنه قصائد الملحون من كنوز الأمثال الشعبية وما تزخر به من رموز دلالية
وتداولية، وما يطبعها كذلك من حكمة المعية فريدة.، وهنا وجب التوضيح فالتصريح على أن اغراض شعر الملحون في البداية
كان يطغى عليها الطابع الديني،فوفق ما اوضحه الدكتور عباس الجراري عضو أكاديمية
المملكة المغربية في مقال له حول
"أثر الآلة على الملحون"
ان هذا الأخير
(الملحون) بحكم التأثر بالاشعار التي كانت تصاحب بالآلات الموسيقية،اخذ الملحون
يتطور بدءا بشعر الطبيعة الى الغزل و غيرها.وتعود اقدم النصوص المسجلة في شعر
الطبيعة الى القرن العاشر الهجري،وجاء فيها:
" الورد والزهر واغصانو وأشجار باسقة
واطيار
يسبحو لنعم
الغني والماء فقلب كل غدير"
كما
يجب الإشارة إلى ان اغراض شعر الملحون
يمكن اجمالها في عشرة اغراض ،الا وهي:
"التوسلات الالاهية،والمديح النبوي
،والوصايا الدينية والاجتماعية،و الربيعيات،والعشاقي،و الترجمة و الاعراض،والهجاء
ثم الرثاء".
اما على مستوى
الأداء فبعد أن كانت مجرد سرد في الزوايا و المساجد اخذ فن الملحون يعتمد على ضبط
الايقاع باليد،او ما يسمى "التوساد" وبعد ذلك توسل
بالآلة"التعريجة"ثم تاثر بالآلة فاتسع نطاق استعمال الآلات الموسيقية.
وإن
دل ذلك على شيء فإنما يدل على هذا الغنى الثراثي
الفريد الذي يتميز به فن الملحون ويتمتع به فيمتع،حيث تسجيل وتدوين نمط عيش
أمة عبر عصور مضت ،وتراثها الحضاري الخالد المجيد،وحيث النظم البليغ ،والوزن
الرفيع،والانشاد المخترق الراقي العذب السلسبيل النبيل.
اجل .،إن فن
الملحون يعتبر بحق ايها السادة الافاضل رسالة فن،وامانة ابداع،ومحاكاة الزمكان في
استمتاع،حيث حضور وتحضر ،فإصغاء لذبذبات الروح وما تستعذبه من جلال اللحظة،و جمال
الكلمة وهي تبوح مع
ايقاع فني مثقن يختلق نشوة الابداع المعتق الاصيل القح،والفن الثراتي
الطربي الحق بكل سمو وجمال وجلال وهو يغرد،ويردد الصلاة على النبي محمد المصطفى
المختار.،فيعرج بنا الى ملكوت الطرب والابداع،ليسقي الانفاس من نبيذ لحونه،وجمال نظمه،وسحر وزنه
وموسيقاه،ما يرقى بالاحساس إلى حضرة الجمال والكمال والعذوبة والحمد والاجلال.
لهذا وغيره يبقى
تقريب هذا الفن الاصيل من شبابنا والتعريف به ثم نشره ،واجب عشاقه ومتذوقيه في
مختلف مدننا المغربية الأصيلة ،لا سيما منها المدن العتيقة كمدينتنا الحبيبة فاس
العالمة،فاس الاصالة،والعمران والتاريخ،فاس حضارة ما يزيد عن 12قرنا.