بقلم الأستاذ
حميد طولست
ليس الإنتاج
الإعلامي مجرد ترفيه أو تسلية أو إثارة فقط ، في كل بلاد العالم والمغرب من
بينها ، بل هو أداة قوية لتشكيل الرأي
العام والثقافة الشعبية وتوجيهها نحو المبادئ الإنسانية المتحضرة ، وتعزيز القيم
المجتمعية الإيجابية المساهمة في نشر الوعي والتوعية بالقضايا المهمة والحساسة ،
عبر ما تنتجه من أعمال فنية البعيدة عن الرسائل السلبية المغلوطة، كتلك التي تطرق لها مسلسل "كاينة
ظروف" -الذي تعرضه القناة المغربية الأولى خلال شهر رمضان- في جانب منه
لموضوع التبرع بالأعضاء ، الذي لاشك في أنّه من أهم وأنبل القرارات ذات الفضل
الكبير والمعاني السامية ، التي يُمكن للإنسان أن يتخذها تجاه من يعانون من تلف
الأعضاء ، السلوك الذي أجمع الشيوخ والفقهاء على أنه صدقة جارية للمتبرعين سواء
كانوا على قيد الحياة أو متوفين ؛ الموضوع الذي جانب فيه كل من المخرج "إدريس
الروخ" والمؤلفة والسيناريست"بشرى مالك" الصواب حين شيدا عملهما
الفني الدرامي على رسالة سلبية مغلوطة ، جسداها في مشاهد درامية للشخصية المتبرعة بكليتها
لأخيها المصاب بقصور كلوي مزمن ، وهي تعاني من مضاعفات صحية نتيجة التبرع الذي أدى
لوفاتها ، ما أضاع - مع الأسف -على ذلك العمل الفني دوره التحسيسي الإيجابي
المساهم في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى المغاربة ، وقوض جهود الكثير من الجهات
الرسمية والتطوعية المبذولة لطمأنة الناس بأن التبرع بالأعضاء عملية آمنة صحياً،
وتشجيعهم على القيام بها ،وخاصة منها التبرع بالكلى التي تتم بين الأحياء بطرق
علمية متقدمة تضمن سلامة المتبرع الذي يستأنف –حسب المختصين- حياته العادية أياما
قليلة بعد التبرع ، بدل ما مرراه عبر مسلسلهما من معلومات خاطئة ضربت مستقبل التبرع بالأعضاء في الصميم، بما شحنت به
عقول المشاهدين من رسائل سلبية مخيفة للمتبرعين والمرضى المصابين بالفشل الكلوي،
ممن يأملون العثور على متبرع كريم ، والذي لن يكون ممكنا مع ما بثه المسلسل من
أفكار لا مسؤولة ، خيبت ظنهم وظن العديد من المتابعين الذين أصبحت غالبيتهم تعتقد
أن المتبرع لن يستطيع التعايش بعد التبرع بعضو من أعضائه.