عبدالإله
الوزاني التهامي
فتح الله على
بلاد غمارة بمقدم امرأة فريدة من نوعها، فتحا عظيما، على مستوى ما اتصفت به هذه
المرأة من شيم وقيم ومثل وخصوصيات، قل نظيرها في المغرب كله، والتي قدمت لغمارة
بقصد زيارة أبناء أخيها وأحفاده -مولاي علي الكبير بن مولاي التهامي- الذي أسس
زاوية أجداده بهذه القبيلة العظيمة عام 1717م أي بعد عامين من وفاة أبيه رحمه
الله.
قد ترجم ذلك أثناء مكوثها بغمارة الساحلية مكرسة
لمعالم مدرسة صوفية عرفانية شهيرة، وعلى نفس المنهج الصوفي المتكامل الجامع بين ما
هو تربوي و ما هو اجتماعي وجهادي وعلمي، جابهت للا الهاشمية، المعروفة ب”العدوية”
نسبة لرابعة العدوية الشهيرة ب"مذهب
العشق الإلهي"، مصاعب وعوارض كثيرة عانى منها أهل المنطقة في تلك الفترة
التاريخية الحرجة، على رأس ذلك الجهل والمرض والفقر، فرحبت بالأهالي الوافدين على
زاوية أخيها واحتضنت وفودهم مستعينة في التنظيم والتلقين والخدمة بفقراء ومحبي ومريدي أخيها المولى علي الكبير،
وفود وفدت عليها من كل غمارة ومن الريف إلى زاوية أخيها مولاي علي الكبير بقرية
بواحمد الواقعة على مرمى مدفع من شاطئ المتوسط، وقد قدمت في هذا الصدد أعمالا و
خدمات جليلة وخاصة في الشق النسوي، تخص المؤونة والإطعام والتطبيب وجبر الكسور والإيواء والتعليم ومحو الأمية، و
مداواة المرضى، مما زاد من شحذ عزيمة الأهالي والعزم على مجابهة الصعاب والخطوب.
فاستعادت في
زمنها غمارة تألقها وتحضرها، وهذا معلوم في هذه المنطقة حيث كلما قدم إليها عالم
ومجدد وعارف بالله على مر التاريخ مثل سيدي احمد الفيلالي أو سيدي البوزيدي، أو
سيدي يحيى أعراب أو سيدي الورداني، أو المجدد سيدي أحمد بن عمر حفيد المولى إدريس،
أو غيرهم من الرجال العظماء، إلا وتستعيد المنطقة صدارتها في العلم والتصوف
والجهاد والتماسك الاجتماعي.
وقد تعرضت
بواحمد بعد زمن من قدوم للاالهاشمية لهجمات متتالية من طرف مدافع الإسبان التي كانت
على متن سفن حربية راسية قبالة اشماعلة و تيكيساس ، مما أسفر عن استشهاد عدد كبير
من أبناء المنطقة، من غير المسلحين، والمسلحين أيضا، وخاصة ثلة من نساء القرية اللواتي هممن بمغادرة
بيت فيه حفل عقيقة، حيث ظن الإسبان أنه
تجمع للمجاهدين، فاستشهدن جميعهن بفعل ضربة مدفعية صوبت اتجاه بيت المرأة النفساء،
ولم ينج من تلك العملية سوى المرأة النفساء ووليدها، وقلة من اللواتي يقدمن لها
الإسعافات من الأهالي والجيران.
وبعد مدة من وفاة للا الهاشيمة أيضا، التي قبض الله
روحها عام “1151هـ”،-حسب مخطوط الروض المنيف-،
تعرضت قبة ضريحها الذي شيده أعيان المنطقة، إلى ضربة مدفعية، دمرته جزئيا،
بعدما ظن المستعمر أن المكان لا زال ملجأ ومخبأ للمجاهدين، لأنه بالفعل كان وراءه
كهف كبير، يؤدي إلى مكان مجهول، اتخذه المجاهدون وسيلة للتمويه والاختباء
وكذلك مخبأ للأسلحة، وقد عرفت بواحمد
بكثرة الكهوف، التي اندثرت الآن بفعل البناء الذي استشرى بشكل “عشوائي”، في القلعة
الصوفية الجهادية “بواحمد” .
يتبع ..