بقلم عبد الحي
الرايس
أصاب الناسَ
قحْطٌ وجفاف، واستبدَّ بهم اليأسُ، وتتالتْ عليهم مَوْجاتُ الغلاء، فصاروا يقصدون
الأسواق، ويقنعون من الزيارة بالإياب، فلا هم تبضَّعُوا، ولا هم بالحد الأدنى
تزوَّدُوا.
ثم جادت
السماء بالغيث والمطر، فهلَّلوا واستبشروا، ومن فرحتهم استضافوا وأوْلَمُوا، غير
أن الأسعار أبتْ إلا أن تستمر في ارتفاع، مُستَنْزِفة مَواردَ الناسِ التي لا
تُغادِرُ التجميدَ والاستقرار.
تحدَّث
الحكماء فأفاضُوا وأسْهبُوا، ومن فِتْنة الجياع حذّروا ونبّهوا، وللبدائلِ
والحلولِ قدَّموا وأوْضحُوا، فالشواطئُ بالأسماك زاخرة، وبالخيرات دافقة، والأرضُ
المعطاءُ تَجُودُ بوافر الغلال، وبِمُكْنتها تيْسيرُ عيش العباد، وتوفيرُ حاجيات
البلاد، وسُبُلُ الخلاص واضحة، والكفاءاتُ متوفرة، فَمِمَّ الشكوى؟ وإلامَ
الانتظار؟
احتارت
الأفهام، وترقب الجميعُ طَلَّةَ حاكمٍ حكيم، يَصْدَعُ بالحقِّ، ويأتي بالخطاب
المُفْصِح المُبين، يعكس ما تجيش به الصدورُ من شكوى وأنين، ثم لا يلبثُ أن يصيرَ
القوْلُ لديْه مصدرَ تحليلٍ وتوضيح، وتفعيلٍ وتنزيل.
وفي غَفْوَةِ
آمِل، كان سماعُ الصَّوْتِ الآمِر "أنْ أديرُوا عجلةَ الإنتاج من تصْديرٍ إلى
تلبية حاجيات الناس، وراجعُوا مَوارِدَ عيْشهم، وأصْلحوا أجورَهم، فالأخلاقُ
تنْصَلِحُ بتحسُّنِ الأرزاق".
الكلمةُ
المفتاحُ إكسيرُ تَحَوُّلِ إدارة البلاد، وما أصْوَبَ الرأي الذي يُطاع، فإذا
بالتحولات تتلاحقُ متسارعة، وإذا بالخيرات تأتي دافقة، وإذا بالحياة تطيبُ راغدة.
تلكم أماني
شعب يُوثِرُ السلام، ويَهْوَى العيشَ في تكافُلٍ ووئام، فعسى الرياح تأتي
مُحمَّلةً بحازمِ الرأي مُلْهِمِ الصّواب، فتُعجِّلُ بالتغيير والإصلاح، وتَسِيرُ
بالبلادِ والعباد، نَحْو كل خيْرٍ ونماء.