شدد الوكيل
العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الإثنين
بالرباط، على أن العزم قائم على مواصلة دعم وتكريس استقلال السلطة القضائية بتعاون
وتكامل مع الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة
القضائية، وبإشراك فعلي للمسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة، وكل من قد يكون له
دور في ذلك من منتسبي العدالة.
وقال السيد
الداكي، في كلمة خلال الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية الجديدة 2023، أنه
على مستوى تدبير عمل النيابات العامة، سيتم مواصلة اتخاذ المزيد من الإجراءات من
أجل مواكبة وتقييم تنزيل المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لبرامج عملهم
السنوية وفق مقاربة قائمة على اعتماد مؤشرات قابلة للقياس لتحقيق نجاعة الأداء،
والرفع من النجاعة القضائية في تدبير الأبحاث القضائية عبر تكريس احترام الآجال
الافتراضية لتدبير الشكايات والمحاضر، والعمل على تصفية المتخلف الذي تتجاوز مدة
إنجازه الآجال المفترضة، ودعم قدرات قضاة النيابات العامة في مجال تعزيز ضمانات
المحاكمة العادلة، سواء على مستوى تدبير الأبحاث القضائية أو على مستوى ممارسة
الدعوى العمومية ومواكبة سيرها وإجراءاتها.
وتابع أنه
سيتم أيضا مواصلة العمل في مجال تخليق الحياة العامة، وتجويد أداء قضاة النيابة
العامة خاصة على مستوى دراسة المحاضر وضبط التكييف القانوني للمتابعات، وكذا تحرير
الملتمسات والمستنتجات وعرائض الطعن، ومواكبة عمل الشرطة القضائية وتطوير وتعزيز
آليات التفاعل معها بخصوص الأبحاث القضائية وإيجاد الحلول المناسبة لكل ما يعترضها
من صعوبات في أداء مهامها، ومد جسور التواصل والتنسيق مع المسؤولين القضائيين
والنقباء ومنتسبي المهن القانونية من أجل تجاوز الصعوبات التي تعترض السير العادي
للعدالة وإيجاد الحلول الآنية لها، وتعزيز الشراكات والتعاون لضمان الحماية
القانونية والقضائية للفئات الهشة؛ ومواصلة وتقوية سياسة الانفتاح التي تنهجها
النيابة العامة مع الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني، وتعزيز الولوج إلى
العدالة.
وانخراطا في
الجهود التي تبذلها المملكة لتكون في مستوى الرهانات والتحديات التي يتطلبها تنزيل
النموذج التنموي الجديد، أكد السيد الداكي على أن تكون النيابات العامة دعامة
أساسية لحماية النظام العام الاقتصادي وتحقيق الأمن القضائي للفاعلين الاقتصاديين
والمساهمة في تحسين مناخ الأعمال، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية في هذا
الخصوص بشأن خلق الوسائل الكفيلة بتشجيع الاستثمار وترسيخ أسس الإنعاش الاقتصادي
ومواكبة الفاعلين في المجال.
كما شدد على
عزم كافة مكونات النيابة العامة على أن لا تدخر جهدا من أجل تعزيز ضمانات المحاكمة
العادلة عبر التصدي لكل ما يشكل انتهاكا ماسا بأي حق من الحقوق بكل حزم وصرامة
وتفعيل احترام الأجل المعقول في تدبير الإجراءات، مع ترشيد استعمال الآليات
القانونية الماسة أو المقيدة للحرية.
وفي سياق
متصل، أكد السيد الداكي على ” أننا نطمح إلى مضاعفة الجهود المبذولة من قبل مختلف
الفاعلين في قطاع العدالة من أجل الرفع من أدائها وإذكاء منسوب الثقة لدى المواطن
تحقيقا لشعار (القضاء في خدمة المواطن) وربط المسؤولية بالمحاسبة “، لافتا إلى أنه
إذا كانت منظومة العدالة اليوم تعرف على غرار باقي مرافق الدولة عودة طبيعية
للحياة بعد تراجع جائحة كوفيد 19، فإن هذا الأمر قد انعكس بشكل إيجابي على مؤشرات
تقييم الأداء لعمل قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض ومحاكم الموضوع.
وفي هذا
الإطار، يقول رئيس النيابة العامة، فقد سجلت محكمة النقض خلال سنة 2022 ما مجموعه
52676 قضية، مقابل 48919 قضية سنة 2021، أي بزيادة تقدر بـ 7.13 بالمائة، مضيفا أن
عدد القضايا المحكومة خلال سنة 2022 بلغت ما مجموعه 48423 قضية، وهو رقم لم يسبق
لمحكمة النقض أن سجلته من قبل، مما يعكس المجهود الاستثنائي الذي بذله قضاتها خلال
سنة 2022.
وسجل أنه رغم
تحقيق معدلات عالية من القضايا المحكومة، فقد بلغ عدد المحكوم منها في الشكل سواء
بعدم قبول الطعن أو سقوط الحق فيه 12485 قرارا ، أي بنسبة 26 بالمائة، وهي تقارب
النسبة المسجلة خلال سنة 2021 والتي بلغت 24 بالمائة من مجموع القضايا المعروضة
على أنظار محكمة النقض، فيما صدر 23116 قرارا برفض طلب النقض وهو ما يشكل نسبة 47
بالمائة من مجموع القضايا التي تم الفصل في موضوعها مقابل 11254 قضية صدرت فيها
قرارات بالنقض، وهذا ما يفسر أن نسبة جدية الطعون بالنقض لا تتجاوز 23 بالمائة.
واعتبر أن هذه
الحصيلة تدعو إلى التفكير في إيجاد صيغ مبتكرة لتعزيز قدرات الجهات المكلفة بتحرير
مقالات ومذكرات الطعن بما يتناسب وطبيعة عمل محكمة النقض ويمكن من دعم الجهود
المبذولة لتحقيق النجاعة المطلوبة عبر تجاوز ما يشوب عرائض النقض من اخلالات
متكررة يتم تسجيلها كل سنة.
كما تطرق
السيد الداكي للجهود المبذولة من قبل قضاة محاكم الموضوع، خلال السنة الماضية،
الرامية إلى الرفع من منسوب النجاعة القضائية وتحسين مؤشرات الأداء، وهو ما تعكسه
الأرقام المسجلة في هذا الصدد.
فعلى مستوى
تدبير الشكايات، يقول المسؤول القضائي، راج أمام النيابات العامة لدى محاكم
المملكة سنة 2022 ما مجموعه 670251 شكاية، توزعت بين 639191 شكاية أمام المحاكم
الابتدائية و31060 شكاية أمام محاكم الاستئناف، حيث تمت معالجة حوالي 547430
شكاية، توزعت بين 521856 شكاية من قبل قضاة النيابات العامة لدى المحاكم
الابتدائية، و25574 شكاية منجزة من قبل قضاة النيابات العامة لدى محاكم الاستئناف.
وبنفس القدر
من الجهود وتظافرها مع تلك المبذولة من قبل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون ممثلة
في الشرطة القضائية بجميع أصنافها ومختلف انتماءاتها، يقول السيد الداكي، فقد تمت
تصفية ما مجموعه 2.834.103 محضرا من أصل 3.022.937 محضرا رائجا على المستوى
الوطني، في حين بقي ما مجموعه 188834 محضرا في طور الإجراءات، حيث بلغت نسبة
التصفية حوالي 93.76 بالمائة وهو ما يشكل تطورا كبيرا على مستوى الأداء بالمقارنة
مع سنة 2021 والتي لم تتجاوز فيها نسبة التصفية 87 بالمائة.
وعلى صعيد
آخر، يبرز رئيس النيابة العامة، واصلت النيابات العامة بمواكبة من رئاستها جهودها
الرامية إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، حيث بلغ عدد المعتقلين احتياطيا عند نهاية
شهر دجنبر 2022 ما مجموعه 39708 شخصا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها
97204، مسجلا أنه رغم كل الجهود المبذولة المتظافرة من قبل قضاة الحكم الموكول
إليهم البت في قضايا المعتقلين يظل الموضوع في حاجة إلى تدخل تشريعي لإقرار آليات
بديلة للاعتقال الاحتياطي تسمح بإمكانية خفضه إلى مستويات أدنى.
كما استعرض
المجهودات المبذولة على مستوى تعزيز الحماية لبعض الفئات الهشة، وحماية النظام
العام الاقتصادي، وتعزيز التكوين المستمر وتطوير القدرات، وتخليق الحياة العامة
وحماية المال العام، ومكافحة غسل الأموال، مبرزا أن استعراض النشاط السنوي للنيابة
العامة لدى محكمة النقض والنيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة، يعد مناسبة
لرصد الحصيلة والواقع من أجل استشراف المستقبل ورسم معالم الخطوات المستقبلية التي
نعتزم السير على هداها في القريب المنظور.