بقلم: حورية
اقريمع
الجزء
الأول
...أمطرت اليوم كما لم تمطر من قبل ...استلقيت
على أريكتي كتابي بين يدي وفنجان قهوتي ينتظر أن يحظى مني برشفة بارد نصف فارغ
تماما كما حياتي الباردة النصف فارغة ....كل شيء صامت كئيب كآبة الأشجار العارية
عدا عويل الريح الذي يلتهم السكون وأزيز أفكاري الجوفاء المتصارعة في جمجمتي
الكسيحة ...عقارب الساعة تعاندني هي الأخرى بالكاد تمرر الدقائق تسلمها للساعات.
تكومت على
أريكتي أتابع قطرات المطر التي تنزلق ببطئ فوق زجاج النافذة كدمعة انثى ..كدمعة
ثكلى...كدمعة الواقفين على أعتاب الرحيل .
فجأة تذكرت ما
حدث ذاك اليوم ولم يكن في الحسبان كان ذاك قبل أربعة أشهر عندما تعرفت عليه عبر
مواقع التواصل الاجتماعي فخلال تلك الأيام بنيت علاقات متعددة مع أسماء مستعارة لا
أعرف لمن تكون هل هي لرجال أم لنساء...كنت أحاور كل من يحاورني عبر المسنجر
إلا أنني وجدت
نفسي أقبل عليه ويا ليتني لم أفعل.
أقبلت عليه بشكل
كبير جدا ...كنت أخاطبه دائما وألجأ إليه ببراءة في الكثير من الأمور حتى أدمنته
وأصبحت أتحدث إليه بشكل يومي...أحببت حديثه ونكته كان مسليا ,
وبدأت العلاقة
بيننا تقوى مع الأيام أغراني بكلامه المعسول وكلمات الحب والشوق وفي يوم من الأيام
طلب سماع صوتي وأصر على طلبه حتى أنه هددني بتركه لي في الشات حاولت بكل ما أملك مقاومة هذا الطلب إلا أنني
رضخت في النهاية لمطلبه شريطة أن تكون مكالمة واحدة فقط فقبل ذلك .
كان صوته جميلا
فعلا وكلامه عذبا للغاية كنت أرتعش من سماعه لقد ألهب كياني كله ..طلب مني رقمي
وأعطاني بدوره رقم هاتفه كنت في البداية مترددة ولم أجرؤ على مكالمته لمدة طويلة
لكنني كنت أجد في نفسي شوقا كبيرا لسماع صوته العذب. وإني أعلم أن الشيطان اللعين
كان يزينها في نفسي ويصارع بقايا العفة والدين وما أملك من أخلاق. حتى أتى اليوم
الذي كلمته فيه ومن هنا بدأت حياتي بالانجراف أبعد مما يتصور...فقد تطورت علاقتنا
يوما بعد يوم وأصبح يطلب رؤيتي بعدما سمع صوتي وغالب الظن أنه قد مل سماعه...لم
أكن أبالي كثيرا بل كنت أعاتبه على طلبه وفي حقيقة الأمر كنت أكثر منه شوقا إلى
رؤيته ولكنني كنت أترفع عن ذلك لا لشيء إلا أنني كنت خائفة من الفضيحة وليس من
الله تعالى الذي يعلم خائنة الأنفس وما تخفي الصدور.
أصبح إلحاحه
يزداد يوما بعد يوم ويريد فقط رؤيتي لا أكثر...فقبلت طلبه لكن بشرط أن يكون أول
وآخر طلب. وأن يراني فقط دون أي كلام..عندها أوضح لي أن السعادة تغمره وهو إنسان
يخشى أن يصيبني أي مكروه وسيكون كالحصن المنيع ولن أجد منه ما أكره.
ووافق على
شروطي...وأقسم بأن تكون نظرة واحدة لا أكثر...نعم
فعلتها تجاوبت معه... تواعدنا وكان الشيطان ثالثنا في أحد الأسواق الكبيرة
بالساعة والدقيقة ...لقد رآني ورأيته..ويا ليتني لم أره ولم يرني...كان وسيما جدا
كل شيء فيه أعجبني...نعم لقد أعجبني في لحظة قصيرة دقائق معدودة ليس إلا ومن جهته لم
يصدق أنه كان يتحدث مع من هي في شكلي وأوضح لي بأنني أسرته بجمالي وأحبني
بجنون...كان يقول لي ليته لم يرني أبدا. وكأنني حورية من الجنة...هيهات هيهات
زادني كلامه أنوثة وأصبحت أرى نفسي أجمل بكثير من ذي قبل حتى قبل زواجي ...
هذه بداية
النهاية....أجل بداية النهاية لم يكن يعلم أنني متزوجة ولدي أطفال عموما أصبح
حديثه بعد هذا اللقاء أكثر رومنسية عرف كيف يستغل ضعفي كأنثى وكان الشيطان يساعده
بل ربما يقوده أراد رؤيتي مرة ثانية
ولكنني كنت أذكره بالوعد الذي قطعه على نفسك...مع أن نفسي كانت تشتاق إليه
كثيرا.لم يكن بوسعي رؤيته وزوجي موجود في المدينة...أصبح الذي بيننا أكثر جدية من
ذي قبل أخبرته حينها أنني امرأة متزوجة ولدي أطفال ولا أقدر على رؤيته مجددا. وأن
علاقتنا ينبغي أن تبقى على الشات وحسب لم
يصدق ما قلته وقال لي: لا يمكن أن تكوني متزوجة ولك أبناء أنت كاللؤلؤة التي يجب
أن تصان...أنت كالجوهرة لا بل كالحورية
أنت كالملاك الذي لا ينبغي أن يوطأ.
وهكذا أصبحت
مدمنة على سماع صوته وإطراءاته دائما أتخيل نفسي وأنا بين ذراعيه بين أحضانه
الدافئة حتى أصبحت أكره زوجي الذي لم ير الراحة أبدا في سبيل سعادتنا. وأصبحت
أريده أكثر فأكثر وهو بذلك عرف كيف يستغلني حتى يتمكن من رؤيتي مجددا كان كل يوم
يمر يصر علي في طلبه وهو يقول : ما الذي يمكننا أن نفعله أنبقى هكذا حتى نموت من
الحسرة والحزن؟ أيعقل أنه لا يمكننا الإقتراب من بعضنا لا بد من حل ؟؟ تبا لهذا
المجتمع البائس الذي يفرض بتلابيب تقاليده علينا ...يجب أن نجتمع أن نكون تحت سقف
واحد ...لم يترك طريقة إلا وطرقها
وأنا ارفض وأرفض وأتحجج.
حتى جاء اليوم
الذي عرض علي فيه الزواج. ويجب أن أجد طريقة ليطلقني زوجي حتى يتزوجني بعدها وإن لم أقبل فإما أن ينتحر او يصاب بالجنون أو
يقتل زوجي الحقيقة رغم خوفي الشديد إلا
أنني وجدت في نفسي شيئا يشدني إليه وكان الفكرة أعجبتني ...احترت في أمري وأصبحت أرى نفسي أسيرة لزوجي وأن حبه لي لم يكن
حقيقيا بدأت أكره منظره وشكله...وكأنني الوحيدة في هذا الكون الذي عرفت معنى
الحب..وبمقدار حبي له وتمكنه مني ومن مشاعري
عرض علي أن أختلق مشكلة مع زوجي وأجعلها تكبر حتى يطلقني...لحظة لم يخطر
ببالي هذا الأمر فقد اختمرت الفكرة في ذهني وبدت لي هي المخرج الوحيد لأزمتي
تلك...وعدني بأنه سوف يتزوجني بعد طلاقي مباشرة من زوجي وأنني سأكون كل شيء في
حياته... وسوف يجعلني سعيدة طول عمري معه.
لم يكن وقعها
علي سهلا...وفعلا بدأت أصطنع المشاكل مع زوجي وأخطط لها مسبقا حتى يكرهني ويطلقني
بقينا على هذه الحالة عدة أسابيع ولكن مع طول المدة كان يصر على رؤيتي لأن زوجي
ربما لن يطلقني بهذه السهولة. حتى طلب مني أن يراني وإلا لن يتفاعل معي على الشات
مجددا. فعلا قبلت دون تردد مني وطلبت منه مهلة أتدبر فيها الأمر.
وفي يوم من
الأيام سافر زوجي إلى العاصمة مكث هناك أسبوعين
كانت الفرصة
مواتية لأحقق للحبيب المزيف ما يريده وأخيرا رضخت لطلبه....
يتبع ...