منذ ان تم
اغتيال القايد، بدأ تيار توفيق نزار، في إعادة تركيب الساحة السياسية القائمة على
استبعاد التيار الإسلامي العروبي، والبحث عن تيار علماني فرنكوفوني مدني يحل محل
أحزاب السلطة التي رفضها الشعب.
دلالة هذا
التوجه والذي لا يستبعد أن للسفير الفرنسي يد في تهيئته
ـ أولا، إطلاق
سراح مناضلين محسوبين على التيار العلماني الفرنكوفوني، خلال زيارة وزير خارجية
امريكا، واستبقاء المناضلين المحسوبون على التيار الإسلامي العروبي.
ـ ثانيا،
إدخال جينرالات السجن وملاحقة آخرين، بحكم انتماءهم للمشروع الإسلامي العروبي، أو
محسوبين على القايد، والذي لغبائه مهد لهم الطريق، بإستبقاء الحكم عند العسكر، بدل
تمريره للشعب، وبفرض عبد المجيد تبون كرئيس، ولقد تظاهر تبون بصحبة القائد وكان
ذلك الخازوق الذي جر جماعة طرد الوصاية الفرنسية، بتزكية تبون، الذي دار عليهم
وخانهم في أول منعرج، وتركهم لمصيرهم مع جناح فرنسا، الذي استبعدهم واحدا تلو
الآخر.
ـ ثالثا،
تبرئة جينرالات وسياسين من الأحكام السابقة، ومعظمهم محسوبين على الجناح العلماني
في حكم بوتفليقة، ولا يزالون يحاولون إخراج ايويحي، وجماعته .
أما فيما يخص
مبادرة إبداع، والتي يغلب عليها الطابع العلماني الفرنكوفوني، فهناك تساؤلات عدة
تطرح:
ـ من الذي
وراءها من الجينرالات؟
ـ ما دور
فرنسا وسفيرها؟
ـ لماذا تكاد
تخلو من التيار الإسلامي العروبي؟
ـ أين تتوافق
وأين تتقاطع وأين تتعارض، مع مبادرة لم الشمل؟.
ـ لماذا
مبادرتين في نفس الوقت؟.
هل النظام
يريد إعادة تجارب فاشلة، في إعطاء وزارات لأسماء معارضة لاسكاتهم؟.
يبدو أن
الجينرالات وصلوا إلى قناعة أن السياسة ماتت في الجزائر، ولابد من إحيائها لأن
أحزاب العلف، لم يعد لهم تأثير، وفي الآن نفسه، لابد من تحييد التيار الإسلامي
العروبي الذي له قوة إقناع ومدد شعبي، فكيف يبعث الروح في مناخ سياسي جديد، يقنع
فرنسا والعالم من ناحية، ويستجيب لمطالب الجناح العلماني المدني من ناحية أخرى.
إذا كان هذا
هو التوجه الجديد للحكام الفعليين، وهو إقصاء التيار الإسلامي العروبي من المعادلة
السياسية المستقبلية، فنحن أمام امتحان جديد، بل أزمة جديدة.
امتحان
للمعارضة ككل، التي تنادي بمدنية الدولة، و استبعاد العسكر من السياسة، والتي إن
قبلت بصفقة سياسية مع العسكر، ستكون محل غضب الشعب الجزائري، وستفقد مصداقيتها،
سواء كأفراد، أو أحزاب.
امتحان للنظام
الجزائري في تعامله مع مكونات المجتمع، بمكياليين، إقصاء وإغلاق على المكون الشعبي
الإسلامي العروبي، وفتح وترحيب بالمكونات التي من ورائها فرنسا أو الآمرات، أو
مصر.
لذلك لابد من
التعامل بحذر مع كل المبادرات، فإن كانت تصب في انعتاق الشعب واستقلاله وحريته، من
بطش العسكر، فأهلا بها، وإن كانت تحريره من استعمار العسكر، وتعبيده لفرنسا من
جديد وخدمها في الداخل، فإن النضال لا يزال مشروع الأمة الجزائرية، ما لم نر إطلاق
سراح كل المعتقلين، وفتح المجال الإعلامي والسياسي للجميع، ومعاملة الجزائريين
كلهم بنفس المنطق، والانتصار للمبادئ على حساب المصالح والحسابات السياسية مع
فرنسا، والاعتراف بأن مطالب الشعب مشروعة.
محاولة إرضاء
نخب على حساب الشعب مرفوضة رفضا باتا؛ بل كل من يقترب إلى الجينرالات ويغامر بعقد
صفقات على حساب الشعب، سيجد نفسه في سلة المهملات، ولا يلومن إلا نفسه.
نحن لا نجرم
المعارضة، لا أفرادا ولا أحزابا، ولكن نعامل كل منهم حسب اقترابه أو بعده من مطالب
الحراك ومطالب الشعب الجزائري، التي عبر عنها طيلة ثلاث سنوات من النضال، لا يعقل
أن تعقد صفقات على حساب المسجونين، والشهداء، ونضال الشعب، الكل أمام المجهر،
نظاما، ومعارضة، وشخصيات سياسية، وجينرالات، وقضاة،وإعلاميين، والعقل الجمعي هو
الذي يحكم على صواب وخطأ كل مبادرة، أو مروجيها ومنفذيها.
وفي الآن
نفسه، نحيي ونرحب بكل مناضل حر، شريف لا يساوم، ولا يبيع ويشتري، بل يدافع عن حق
الشعب في الانعتاق، والحرية والعدالة والنهضة، وبداية عهد جديد قائم، على الشرعية
الشعبية، ولا غير.
منقول