adsense

/www.alqalamlhor.com

2022/03/18 - 7:34 م

متابعة : بونس الرامي

نظمت كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، جامعة الحسن الأول بسطات يوم الأربعاء 16 مارس 2022، الساعة الثالثة بعد الزوال بمركز التوجيه والإعلام، ورشة علمية فنية في موضوع الموسيقى والمعرفة، نظريات معرفية وتطبيقات موسيقية، وعرفت أطوار هذه الورشة العلمية حضور السيد عميد كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ذ/ عبد القادر سبيل وذ/ عبد الغني الكون الكاتب العام للكلية والسيدة مديرة مركز التوجيه والإعلام، والطلبة والطالبات هذه الورشة التي كانت من تأطير الفنان والكاتب والملحن الموسيقي ذ/ توفيق سرحان والفنان والموزع الموسيقي ذ/ محمد أخوازي، افتتح الورشة التي نسق أشغالها الأستاذ عبد الغني الكون بكلمة للسيد عميد الكلية رحب فيها بالحضور وبالفنانين المؤطرين، وأكد على أهمية الورشة والسياق الذي تأتي فيه  والقيمة المضافة التي تقدمها الفنون بصفة عامة في تنمية المهارات الحياتية والمعرفية والعلمية لدى الطلبة والطالبات كما نوه بالدور الذي يقوم به الباحثون في هذا الميدان ونوه بالجهود التي يبذلها الفنانون في ذلك وبخاصة الذين يزاوجون بين النظريات العلمية والمعرفية في الموسيقى والممارسة، كما نوه السيد الكاتب العام للكلية بالورشة المعرفية العلمية التي تدخل في صلب اهتمامات الكلية، ثم قام الأستاذ توفيق سرحان ب مجموعة من التعاريف العلمية والفكرية حول الموسيقى  منها تعريف الدكتور غطاس عبد الملك الذي يدخل الموسيقى في إطار العلوم الحقة إذ يقول: "الموسيقى": علم الألحان، والأصل فيه فرع من العلم الطبيعي وجزء من الرياضيات على قياس مفردات المادة فيه هي النغم ومصوتات الحروف المختلفة بالحدة والثقل، ثم كيفيات النطق بها في أزمنة محدودة وفي تجنيسات محدودة ثم نظم هذه باجتماعاتها في لحن يتميز بهيئة، تبدو في المسموع أكثر تخييلا للمعاني عما هي أقاويل ينطق بها على مجرى العادة في المخاطبات"  ويدخلها ابن خلدون في إطار العلوم العقلية وضمن العلم الرابع، وهو الناظر في المقادير على الإطلاق، إما المنفصلة من حيث كونها معدودة أو المتصلة إذ يقول: "الموسيقى معرفة نسب الأصوات والنغم بعضها من بعض وتقديرها بالعدد وثمرته معرفة تلاحين الغناء".

 وفي تعريف للدكتور سليم حلو اعتبر "الموسيقى والجبر والحساب والهندسة والمنطق والعروض، هي كلها أنواع من جنس (العلم الموزون)، وهي علوم متشابكة رابطها النظام ووحدة الحركة والسكون".

هذه بعض من التعاريف التي تم تقديمها في الورشة والتي تأكد على ارتباط علم الموسيقى بعلم الرياضيات باعتبار أن مادة النظريات الموسيقية ( الصولفيج) يتأسس على علم الرياضيات ذلك لكون  العلامات الموسيقية تخضع للعد الرياضي من خلال الأوزارن وأيضا المدد الزمنية للعلامات الموسيقية ( المستديرة، البيضاء، السوداء، ذات السن، ذات السنين، ثلاثية الأسنان، رباعية الأسنان ) وأيضا الموازين المركبة والبسيطة والحركة المترونومية والإيقاعات المختلفة  ) كما رصدت الورشة علاقة الموسيقى بعلم الفزياء من خلال الصوت  فالصوت الطبيعي يتولد من ذبذبات معدودة في الثانية، فالصوت الغليظ ينتج ذبذبات بطيئة، والصوت الحاد ينتج ذبذبات سريعة، وبمعنى أخر وإن قل عدد الذبذبات كان الصوت غليظا، وإن زاد كان الصوت حادا. ونحن نرى الأوتار المسترخية تحدث أصواتا غليظة أي وطئة ثخينة والأوتار المشدودة تحدث أصواتا حادة أي ((عالية)) رقيقة، والأجسام الصلبة تحدث أصواتا ولكنها غير مستساغة في الأذن كالأصوات الموسيقية. بعد هذه الإضاءات المعرفية حول المكانة التي تحتلها الموسيقى ضمن العلوم الدقيقة مع ربط النظرية الموسيقية بوصلات موسيقية تطبيقية ترصد هذه العلاقة قدم الأستاذ الفنان توفيق سرحان السر التاوي وراء اهتمام الفلاسفة سواء الغربيين منهم أو العرب بالموسيقى من خلال هذا القول : ونظر الفلاسفة إلى الموسيقى بأنها مدخل إلى فهم طبيعة الكون وإعداد رياضي لدراسة الفلسفة، ووصف الأفلاطونيون الموسيقى بأنها العالم الواقع، بينما نظر إليها الأرسطيون على أنها علو مثال بهذا الواقع، أما اللاهوتيون فكانوا يرون في الموسيقى وسيلة لتقريب الإنسان من الله، بفضل تجميلها للنص المقدس، واشترك اللاهوتيون والفلاسفة معا في النظر إليها بأنها وسيلة لإصلاح الأخلاق وإفساده.

بعد ذلك رصد العلاقة بين اللغة واللغة الموسيقية من خلال تقديم تجربة العالم "برنشتين"leinard bernstein، وهو من أعظم موسيقيي العصر عاش في  الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أنه أستاذ بجامعة هار فارد. إذ حاول هذا الأخير وضع دراسة تحليلية موسيقية على غرار تشومسكي بالنسبة للغة، الذي بدأ تحليله محاولا بناء تطابق كامل بين العناصر اللفظية والموسيقية، فاقترح أن (النغمة=الحرف، وبالتالي السلم=الأبجدية)، ومعنى ذلك أن جميع النغمات التي نستخدمها تساوي جميع الحروف، ولكن أي نغمات وأي أبجدية؟ هل النغمات "الاثنتا عشرة" في السلم الكروماتي الغربي؟ أم النغمات الخمس في السلم البنتاتوني الصيني؟ وأي أبجدية: الألمانية أم الروسية أم العربية؟ وبذلك وجد برنشتين نفسه في حاجة إلى نسق جديد مستخدما المصطلحات الصوتية وليفك الحدود الغامضة للأبجدية، اقترح:

النغمة=tome=الفونيم (أي الوحدة الصوتية الدنيا)

الموتيف=motive=المورفيم (أي أدنى وحدة صوتية ذات معنى)

القسم الموسيقى =section=جملة قصيرة في اللغة الحركة الموسيقية الكلمة pièce= فقرة لغوية كاملة.

كما حرص الأستاذ توفيق سرحان رفقة الموزع الفنان محمد أخوازي على تقديم نماذج تطبيقية لهذه المقارنات العلمية المعرفية من خلال عزف مقاطع موسيقية بقدر ما خلقت انشراحا لدى الطلبة والحضور ساهمت في تقريب المعرفة الموسيقية التي قدمها الأستاذ لهم وفي إطار النقاش المفتوح دام لما يزيد عن ساعة تفاعل فيها الطلبة مع الأستاذ توفيق أكدوا في مجموع مداخلاتهم على الأهمية القصوى والبالغة للثقافة والفنون في تنمية المعارف وأيضا في تطوير البحث العلمي المتعلق بالموسيقى كما خلصت الورشة إلى تثمين الأدوار والوظائف التي تقوم بها كليات اللغات والفنون والعلوم الإنسانية في هذا المجال، وأكدت على وضرورة وأهمية استمرار الورشات التي تناقش المسألة الثقافية والفنية وبخاصة ( الموسيقى السينما المسرح الرسم ...) وانفتاح البحث العلمي والأكاديمي على المجالات الفنية؛ الموسيقى المسرح السينما الرسم.