بقلم عبد الحي الرايس
رَدَّتْ مستشارةُ بلدٍ ـ عَرف طريقَه إلى
الريادة والنماء ـ على مَطالب الأطر العليا بمكافأة أجورهم مع نظيرتها لدى المعلمين
قائلةً: "كيف أسوِّيكُم بِمَنْ علَّمُوكُم؟ !"
وتفطنتْ إلى ذلك أقطارٌ أخرى، فرفعت قدر
المعلم عالياً، وأثابتْه أجْراً مُتميِّزاُ، ثم جَنَتْ من ذلك الخير العميم، والرُّقِيَّ
الكبير.
من هنا يبدأ الإصلاحُ لا من غيره.
ذلك أن السِّنَّ ما كان يوْماً مُحدِّداً
للقابلية، ولا النبوغ والأهلية، فكم من خاملٍ في سن الثلاثين، ومُتوَقِّدٍ في سن الأربعين
وأكثر.
المكانةُ أَوَّلاً، ثم تأتي اختباراتُ الكفاءة
العلمية والتربوية، وروائزُ الذكاء، والمقابلةُ المُسْتَشِفَّةُ لِمَدَى حُبِّ المهنة،
والقابلية للإفادة، والاستعداد للتفاني فيها والعطاء.
تلكم مرحلة الاختبار والانتقاء، ثم تأتي
مراحلُ التأهيلِ واستكمالِ التكوين، والتدريبِ والتجريب، مشفوعةً بالتفقدِ والتوجيه،
فَدَوْراتِ استمراريةِ التكوين.
وحين تُضْفَى على التعليم الهالة، ويصير
المعلم ساميَ المكانة، سيرتادُ حقلَهُ أفذاذٌ من ذوي الموهبة والطموح، وسيعرفُ الابتكارَ
والتجديد، وسيصيرُ مَشْتلاً لتفتح البراعم، وتعهد القابليات، واكتشافِ المواهب، وغرسٍ
القيم، وإصلاح النفوس، وإذكاء الطموح، ورعاية النبوغ.
فإذا انضاف إلى ذلك الأوبةُ إلى الهُوية
الوطنية، والتبصُّرُ في اختيار اللغة الثانية فالثالثة، نكون قد وُفقنا إلى تركيبة
القطار فائقِ السرعة، وعَجَّلنا بوضعه على السكة الصحيحة للتنمية.
وبَعْد، فمُراكمةُ الخبرة، واستحضارُ توصيات
المنظمات الدولية المعنيةِ بقضايا التعليم والتربية، واستلهامُ تجارب الدول الرائدة،
تَحْمِلُنا على الصَّدْع بالحق، ومَحْضِ النصيحة، والإلحاح في التذكير والتنبيه، أملاً
في حسن الإصغاء، وسريع التجاوب، تفعيلاُ وتحقيقاً لأهداف النموذج التنموي الجديد.