ديمقراطيةٌ تمثيلية، وأخرى تشارُكية
تَقْوَيَان وتتساندان فيعْلُو الصرْحُ ويتماسكُ البُنيان
وتَهِنَانِ وتتجافيان، فتَتِيهُ الخُطى، ويضِلُّ المســـار
ولن تقوى الأولى، ويشتدَّ عُودُها، وتُوتِيَ عطاءَها إلا بِنُخبة مُؤهَّلة يصطفيها
الشعبُ من غير تمويه ولا تضليل، وبمنأى عن أي إغراء أو تأثير، إلا ما كان من صادق الاقتناع
والتقدير.
ثم تأتي الممارسةُ عُربوناً على صادق الوطنية وإرادة الانغمار في الشأن العام،
وعنواناً على الغيرية ونُكران الذات، تَعضُدُها وتُسندها إستراتيجية هادفة مسؤولة،
بالمحاسبة مقرونةٌ مشفوعة.
واليدُ الواحدة لا تُصفق، وحكمة التشريع أنْ أتى بِالصَّنو الشقيق: ديمقراطية
تشاركية نصَّ عليها الدستور، وتشبَّعتْ بجدواها رائداتُ أقطار المعمور، فجنت ثمارها
دانيةَ القطوف.
ولا تقدُّمَ ولا نماءَ ولا ازدهار إلا بجُسور تمتدُّ متينةً قويةً بين الديمقراطيتين
في إطار من التواصل والتشاور تفعيلاً للحكامة، وتأميناً للكرامة.
ومتى تحقق ذلك ساد التفاهم، وعمَّ التكامل بين مُمارسين في الميدان، مُسْتشعرين
نبضَ الشارع العام، ومُدَبِّرين في مواقع القرار.
والعصرُ عصرُ تحدياتٍ أمْلَتْ على قمة الأرض رفعَ شعار: "التنمية المستدامة"
فرُسِمتْ لها الأهداف، وصِيغتْ لبلورتها الغايات، وحُدِّدت لربح رهاناتها سنة 2030
سقفاً زمنياً تُعبَّأ له الطاقات، وتُشحَذ له العزائم، وتُبتلَى فيه الإرادات، وتُمْتحَنُ
البرامجُ والمخططات.
لِذَا، تنعقد الآمال على حقيبةٍ تحمل عنوان: "البيئة والتنمية المستدامة"
تكون مُهتمة مَعْنية، ومُخاطَبة مسؤولة بهاجس بات يُؤَرِّقُ سكان المعمور، ويتهدد بالفناء
كوكب الأرض وكل مخلوق.
فَلْتَصْحُ الضمائر، وَلْيَتِمَّ إعلاءُ الصالح العام، على الذاتي من المصالح،
فالخير والنماء مع التماسك والانغمار في البناء، والتخلف والشتات مع كل تهافت على المغانم
والمواقع، وتغليب الأثرة على الإيثار.