بقلم الأستاذ حميد طولست
قبل الإسترسال في سرد باقي الغرائب والطرائف التي عرفتها انتخابات 8 شتنبر
-كما وعدت في الحلقة الأولى- لابد من الرد
على من ادعى أني أستقصد بهذه المقالة حزب العدالة والتنمية ، ودرءا لأي اتهام بافتراض
التطرف أو العدمية تجاه هذا الحزب ،الذي أكن للكثير من مكونات الحزب الطيبة الشريفة
كامل التقدير والأحترام الذي لا يقل عما أكنه لغيرهم من نفس مكونات السياسية الأخرى
، أنبه المنتقدين إلى أني لم أنطلق من رغبة في الشماتة ، أو نزعت نحو القتل الرمزي
لأحد مكونات المشهد السياسي ، ولا ألحس "الكابا" لأحد ، لأن ذاك ليس من نهجي
أو سلوكياتي ، ولا من أسلوبي في التعاطي مع الغير في جميع القضايا الشخصية ، والأمور
العامة ، الاجتماعية والثقافية والسياسية، والتي أقف حيالها مع الحق والموضوعية أينما
تبينتهما، دون أن أكون مرتهنا فيها لأي طرف من الأطراف ، لا يدفعني إلا "الفضول
الصحفي" الذي يجعل المرء يهتم بما انفردت به الأمور والأحداث من سوابق وأسباق
، التي مفردها سبقةٌ وسابقةٌ وسبقٌ ، والتي تعني الخطوة غير المسبوقة ، أو الحدث الفريد
من نوعه ، كما هو الحال مع السوابق المثير للنقاش والجدل التي تفردت بها الانتخابات
الثلاثية الجماعية والجهوية والتشريعية الأخيرة ، والتي لا يمكن للمتتبع للشأن العام
إلا أن يقف عندها دون تعمد النظر من خلف نظارة سوداء ، كما فعلت لتقريب الصورة الشمولية
لما أفرزه واقع ومجريات الانتخابات الأخيرة -التي تنافس حوالى 30 حزبا على نيل أصوات
قرابة 18 مليون مغربي مسجّل في القوائم الانتخابية، من أصل 36 مليوناً إجمالي عدد سكان
المملكة- من معطيات ونتائج غير مفهوم بالنسبة لجملة من المحددات من داخل الحزب الذي
قاد الحكومة لولايتين متتابعتين وخارجه، الأمر الذي حتم علي التطرق لمثل تلك الطرائف
والغرائب الإنتخابية ، والتي أبدؤها التراجيكوميديا المتمثلة في انتخاب اعتماد الزاهيدي
رئيسة لمجلس عمالة الصخيرات تمارة بالاجماع عن حزب التجمع الوطني للأحرار ، الذي التحقت
به رسميا شهر مارس الماضي ، قادمة من حزب العدالة
والتنمية الذي كانت إلى الأمس القريب نائبة برلمانية عنه بعمالة الصخيرات تمارة ، نفس
الدائرة الانتخابية التي مني فيها الرجل الثاني في الحزب الإسلامي سليمان العمراني
بهزيمة مدوية ،التي إنظافت إلى الهزائم القاصمة التي توالت على حزب العدالة والتنمية،
والتي كان أقساها ، خسارة معظم مقاعد الحزب البرلمانية في العاصمة الاقتصادية للمملكة
"الدار البيضاء" والتي كان أغرب ما فيها وأطرفه ، هو فشل القيادي وعضو المجلس
الوطني لحزب العدالة والتنمية وأقدم نوابه البرلمانيين المقرئ أبوزيد -الذي كان قد
قرر تجميد عضويته داخل الحزب و مهاجمة قياداته بسبب توقيع أمينه العام للحزب على اتفاقية
التطبيع مع إسرائيل ، والتراجع الذي تراجع عنه للترشح في الإنتخابات من جديد- افشلا
ذريعا في الحفاظ على مقعده البرلماني الذي عمر فيه طويلا بدائرة مديونة ، التي تحكم
بحياة ساكنتها الطيبين من خلال نقطة ضعفهم " الدين والعقيدة" التي استخدمها
لابتزاز أصواتهم ، التي استردوها بعد إسقاط العمائم المزورة الكاذبة في انتخابات الثامن
من شتنبر ، التي تؤكد على وجود رغبة جادة في التغيير، وفي إنجاز المشهد الديمقراطي
الحقيقي. .
ولنا عودة للموضوع بعد حين.