بقلم الأستاذ حميد طولست
كثيرا ما نسمع القول الشهيرة "إذا كنت في المغرب فلا تستغرب" والتي
كنت أجد أنه من التجني إلصاقها ببلادنا الجميلة، إلى أن ارغمني طوفان العجائب الرهيبة
وتسونامي الغرائب المدهلة -التي يُبكي أكثر مما تضحك- التي طغت على الانتخابات الثلاثية
، الجماعية والجهوية والتشريعية التي عرفتها بلادنا قبل أيام ، أرغمتني على تغيير رأيي
وتبديل قناعتي تجاهها "المقولة" ، والتي اعرض هنا بعض ما انتشر منها عبر
مواقع التواصل الاجتماعي كحجة على سلوكيات مجتمعنا ، ناخبين ومنتخبين وسلطة.
صحيح أن جميع الانتخابات لا تخلو من طرائف ومستملحات وحتى بعض الغرائب البسيطة
، إلا أن ما عرفته انتخابات 8 شتنبر فاق كل التصورات ،التي زاد التطور التكنولوجي من
حدة غرائبيتها التي تميزت عن كل ما عرفه ما سبقها من الانتخابات من طرائف وغرائب، وخاصة
ما عاشه منها ومعها حزب العدالة والتنمية الذي لم يكن أحد من المعنيين بالشأن السياسي
المغربي ينتظر أو يتصور أن تحدث معه على الخصوص ، والتي كان أولها وأشجها غرابة ، الهزيمة
النكراء الكاسحة التي مني بها حزب راكم النجاحات في كل الانتخابات البرلمانية والجماعية
عبر كافة ربوع المملكة المغربية ، والتي كان أفضعها هبوطه من المركز الأول إلى المرتبة
الثامنة بعد ما لم يتمكن من الحصول إلا على 13 مقعدا من لـ125 مقعدا التي مكنته من
حكم البلاد مند 2011 لمدة عشر سنوات .. والأشد غرابة من ذلك ، عدم تمكن أمينه العام
ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ، من الاحتفاظ بمقعده البرلماني عن دائرة
"الرباط المحيط"، بالعاصمة التي يسير البلاد منها ، واحتلاله المركز الخامس
أمام مرشحين مغمورين.
ومن الطرائف المبكية ، أن يسير عبد العزيز العماري، عمدة مدينة الدار البيضاء،
على نهج رئيسه في الحزب والحكومة ويخسر هو الاخر مقعده النيابي في منطقة عين الشق ويفشل
في المحافظة عليه ، ويحتل المرتبة الرابعة وراء مرشحي كل من أحزاب التجمع الوطني للأحرار
والأصالة والمعاصرة والاستقلال ،
ومن الغرائب المضحكة ، أن يُهزم وزير الشغل المنتمي لنس الحزب ،أمام "بائع
الهندية" ، ويعجز عن استمالة العدد نفسه من الناخبين الذي استطاع استمالته منافسه
"بائع الهندية" الذي لا حول له ولا قوة.
ومن فضائحية الطرائف الانتخابية التي لم تحدث من قبل ، أن تحصل وزيرة سابقة
عن ذات الحزب الإسلامي ، على 4 أصوات فقط في الانتخابات الجماعية بالهرهورة..
وتبقى من الغرائب المدوية التي جاءت بها هذه الإنتخابات،:تقهقر حزب العدالة
والتنمية أمام حزب الاتحاد الدستوري ، الذي يعتبر أضعف الأحزاب المغربية بعد حصوله
على 18 مقعدا مقابل 13 مقعدا فقط.
ومن اغرب المغربات الإنتخابية ، أن يكون الذي أنقد ماء وجه الحزب ، هن 9نساء
ظفرهن ب 9 مقاعد برلمانية عبر اللاوائح الجهوية التشريعية الخاصة بالنساء، من أصل13 مقعدا فقط ، فاز الحزب بنسبة كبيرة منها بفضل القانون الانتخابي الجديد المتعلق بالقاسم
الانتخابي الذي طالما انتقده حزب العدالة والتنمية على اعتبار أنه سن لإضعاف حظوظه
في الفوزه بالانتخابات .
ولعل أغرب طرفة ملفتة والتي أختم بها هذا السرد لبعض الغرائب والطرائف التي
اتحفنا بها الانتخابات الأخيرة ، والمتمثلة في ذلك التبرير غير المبرر ولا المفهوم
الذي قدمه سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية من خلال خلال التقرير
السياسي الذي عرضه أمام برلمان الحزب، كسبب لتشبته بقيادة الحزب، وممارسة مهامه التنظيمية
كأمين عام بشكل طبيعي رغم إعلانه عن استقالته غداة الإعلان عن النتائج الكارتية، والتي
تفلسف في تقسيمها إلى استقالة "سياسة" وأخرى تنظيمية تعفي الواحدة من الإتزام
بالإخرى .
وإلى طرائف وغرائب انتخابية أخرى بحول الله.