بقلم الأستاذحميد
طولست
حملت القلم لأكتب
حول مناسبة فاتح ماي ، كعادتي كل سنة ، فلم أجد في جعبتي ما أقوله أكثر مما كررته عنه
في سابق الأعوام ، كببغاء غبي ، وفي غمرة البحث والتنقيب عن جديد أبني عليه مقالتي
، انزاح الستار أمامي عن سلوك نقابي ذكرني بما عشته أيام النضال النقابي الصادق والجميل
، من حكايات متخنة بصور وسير النقابيين الشرفاء ، الذين لازالت تتزاحم في ذاكرتي صور
وأحداث نضالاتهم النقابية الجادة الملتصقة بمشاغل الطبقة العاملة ، والمرتبطة بهمومهم
، والمتشبكة بمشاغلهم ، والمتفانية في خدمتهم وتحقيق مطالبهم التنموية المستجيبة لتساؤلاتهم
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، السير النموذجية التي ارجو لها المزيد من الديوع
والاستمرارية ، بعيدا عن العمل النقابي الإنتهازي المتحصن خلف الأجواء الطقوسية لفاتح
ماي ، والمتخفي وراء هالات قدسية شعاراته الطنانة - كمقياس لنجاح أي عمل نقابي - كما
لو كانت أذكارا أو أورادا أو أقانيم أو رقى أو تعاويذ موقرة ، السلوك الذي لا يتماشى
والعمل النقابي الحق المبني على مبادرات التكافل والتكاتف ، المتأثرة بثقافة التضامن
والتآزر ومبادئ المواطنة التي يعتنقها المجتمع
المغربي بمختلف أطيافه ومكوناته ، من منطلق مسؤوليته الإنسانية ، وحسه الوطني ، وتشبته
بثوابت شعبه ، وتمسكه بالوحدة والتعبئة الوطنية ، وتجنده وراء ملكه لمواجهة كل الظروف
الصعبة التي تمر بها البلاد..
ولأن العمل النقابي
كأي عمل إنساني بشري آخر، لا يخلو من أناس سخروا أنفسهم -دون انتظار للشكر أو الجزاء
- وجادوا بالغالي والنفيس للرقي بمضمون عملهم ، وإبعاده عن انتهازية المصالح الذاتية
أو الحزبية .
ولأن هناك من بين
النقابيين من يملك شجاعة الأسود، ومن بينهم الكريم الذي يبذل ما يملك في سبيل تقديم
العمل النقابي في أجمل صوره وأكثرها بهاءاً ، من خلال سلسلة المبادرات التضامنية الاستباقية
الحكيمة ، التي أضحت نموذجا رائدا في ثقافة العطاء والتواصل ، الذي يرصد الاحتياجات
الطارئة للطبقة العمالة المتأثرين بظروف التباعد الاجتماعي الاستثنائية التي يعيشها
العالم، ويمكينهم من باقة الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، بكل مقارباتها
الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأبعادها الاستراتيجية المواطنة ، والتي تفتقت بها
عبقرية الحس النقابي للمكتب الإقليمي للاتحاد العام للشغالين بفاس ، في شخص كاتبه الأستاذ
ادريس ابلهاض، والمناضلين الذين ساروا في ركبه مشمرين على سواعد الجد ، للمساهمة في
تجديد العمل النقابي ، في كل مجالاته وجميع أصعدته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
والثقافية ، رافعين الشعارات المؤكدة في كل
معانيها على أن التكافل والتكاتف هو الطريق
الوحيد والأوحد لقهر ما يواجه العمل النقابي من صعاب وتحديات في الظروف حتى الصعية
منها كجائحة كورونا.
وفي ختام هذه الذكرى
وهذا التذكر ، اتوجه إلى عمال بلادي ومن خلالهم إلى كل شغيلة العالم ، بخالص التهاني
والمتمنيات بالعيش الكريم المعطر برائحة الحرية والديمقراطية ومبدأ المساوه والعدالة
الاجتماعية المحصنة من عصبية النقابات المسعور بالركوب على أكتاف المسحوقين ، ومركزياتها
المسكونة بالتآمر على الديمقراطية التى يأمل في تحققها الكادحون ، الذين أدعوا الله
من كل قلبي أن يقيهم ، من اقتتال الإنتهازيين الذين تخلوا عن المعاني السامية والجليلة
للعمل النفقابي ذي الحمولة العميقة للنضال الخالص لله والوطن.