بقلم الأستاذ حميد
طولست
اتذكر جيدا التوطئة
التي كنت أقدم بها أحد دروس النحو التي لقنتها لتلامذتي طيلة إثنين وثلاثين سنة مدة
مزاولتي لمهنة التدريس النبيلة ، حيث كنت أسأل طلابي عما صادفوه في طريقهم إلى المدرسة
من الأمور أو الأشياء الغريبة التي ثتير مشاعِرَ الدَّهْشَةِ والاستغرابِ في النفوس
، ونبدأ بالبحث عن دوافع تلك الدهشة وأسباب ذاك الاستغراب ، الذي كنا نحصره في جِدَّة
أو طرافة الشيء أو الأمر المصادف أو في عدمِ معرفةِ سر حدوثه ، تم نخضعه للقواعد النحوية
لاستنباط أوجه التعجب والإندهاش منها ، موظفين الأساليب غير القياسية والتعابيرِ السماعية
التي تستعمل في الحياة اليومية لعامة الناس للتعبير المجازي كلما اعترتهم مشاعر الدهشة
والاستغراب من أمر أو شيء غير معروفة أسباب حدوثه ، أمثال عبارة : "واو WAW" على قانون !! للتعبير عن
مشاعِرَ الدَّهْشَةِ والاستغرابِ الذي أثاره في نفسي تبني الحكومة لمشروع قانون
22.20 ، يقتل الإعلام ، ويمنعه من البوح عمّا لا يتفق ومنطلقات مسؤوليها !! وعبارة
: سبحان الله على مشروع قانون 22.20 ، غير عادي كاد ذكاء الحكومة من تمريره في زمن
غير عادي مع تطورات وباء كورونا !!
وعبارة : يا لغباء
مشروع قانون 22.20 يشكل خطورة بالغة بحق التعبير ومنظومة حقوق الإنسان بما يتضمنه من
جزاءات إدارية وعقوبات حبسية وغرامات مالية !!
وعبارة : لله دره
من مشروع قانون 22.20 ، لم يأتي لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي ، بقدر ما جاء لانهاء
وجود تلك المواقع!!
وعبارة "كيف"
الإستفهامية المتضمنة لمعنى التعجب : كيف يحن أصحاب مشروع قانون 22.20 ، لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، التي
ألغى عهدها جلالة الملك أمير المؤمنين الضامن لحريات شعبه الذي يبادله الحب والتقدير
والاحترام !! .
وبعد أمثلة التعجب
السماعية ، ننتقل إلى التدرب على اساليب التعجب
القياسية التي تدل بلفظها ومعناها على التعجب والتي حصرها النحاة في صيغتين هما 1- :ما أفعل ، كما في قولنا : ما أقبحه
من مشروع قانون 22.20 ، معارض للتوجهات الملكية الضامنة للحريات العامة ، ومنتهك لحرية الصحافة والإعلام التي ينص عليها الفصل
25 من دستور البلاد!!
2-أفعل به من مشروع
قانون 22.20 ، يناقض المادة 19 من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان ويعارض المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
!!
لنخلص بعد ذلك
إلى المرحلة الثالثة من الدرس ، الذي نصوغ فيه تعريفا للتعجب الذي هو: التعجب شعورٌ
داخليٌّ تَنْفَعِلُ به النَفْسُ أمام شيء أو حالة أو موقف غريب ، كشعور الدهشة والاستغراب
الذي اثاره في نفسي مشروع قانون 20 .22 ، الذي لا يرقى إلى ما يثيره من استغراب وتعجب
أمام تلكك الحكومة في إخراج قوانين أكثر أهمية من مشروع قانون 22.20 المثير للجدل والذي
لم يكن في صلب انتظار وتطلعات المواطنين المغاربة ، من قبيل قانون الإثراء غير المشروع
، وقانون الإضراب، وقانون إلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين ، وغيرها من قوانين محاربة
الفساد وردع نهب المال العام ، التي يطالب بها جل الفعاليات المدنية والحقوقية المغربية.