بقلم عبدالحي الرايس
ومن الاستعدادِ
لرمضان، فمُسْتقبلُ ما بعد الجائحة يُصْنعُ الآن
دأب الناس على
الإكثار من التبضُّع اسْتِعداداً لشهر الصيام، فأنفَقُوا الكثير، وأقبَلوا بعد الإفطار
على تَعْدادِ الأطباق، ومُضاعفةِ الاستهلاك، مُخلِّفينَ من البقايا الرُّكَام.
ذاكَ عهْدٌ قد
مضى، فكابوس الجائحة الجاثمُ على الصدور، ولفترةٍ تطول، أيقظ الضمائر، وعلّم الناس
التنبُّهَ للخسائر، خسائر في الإنفاق، وأخرى في الاستهلاك، وثالثة في تلويث المجال.
والأبحاثُ العلمية،
المُعزِّزةُ للسيرة النبوية تُقيمُ الدليلَ تلو الآخر على أن الصومَ يَحْفَظُ الصحة،
ويُقوِّي الْمَناعَة، وأن خيرَ الأكل ما اكتفى بِسَدِّ الحاجة، وما أبْلَغَ قولَ الرسول
الأكرم: "نحنُ قومٌ لا نأكلُ حتى نجُوع، وإذا أكلْنا لا نَشبع".
وإنما الاجتهادُ
في نوعية الأكل لا في حَجْمِه، وفي تغذيةٍ مُتوازنةٍ وصحية، يَلتمسُها الجميعُ من مصادرها،
يستنيرون بها، ويُنَشِّئُون الأبناءَ عليها.
نُطالبُ بالتغيير
ونترقبُه، وينبغي أن نُباشرَهُ كأفراد وكأرباب أُسَر، فالنكباتُ تتتالى، والْوَعْيُ
ينبغي أن يتنامى، والترشيدُ وحُسْنُ التدبير عيْنُ العقل، وأعْوَنُ على مواجهة متطلباتِ
الحياة، وتركِ هامشٍ لِتفقُّدِ الغيْر ومُساعدةِ المُحتاج، اهتداءً بقوله تعالى:
" والذين إذا أنفقوا لم يُسْرِفُوا ولم يَقْتُرُوا وكانَ بين ذلك قَواما"،
وقوله عزَّ من قائل:" ويُوثرُون على أنفسهم، ولو كانَ بهم خَصاصة".
رمضانُ شهرُ الصيام
بامتياز، لَوْ جرَّبْنا أن نَسْمُوَ فيه بالتعبُّد الخالص، والتعاملِ الصادق، والاقتصاد
في التزود والاستهلاك، وحُسْنِ التخلص من البقايا عند الاستغناء، لأسَّسْنا لمُجتمعٍ
واعٍ يتبصرُ مواقعَ خُطاه، يستفيدُ من أخطائه، ويتحسَّبُ للآتي بكل احتمالاتهِ ومُفاجآته.