بقلم الأستاذ حميد
طولست
لاشك أن ما نشرته
جائحة كورونا من أجواء ثقيلة مشحونة بالتساؤلات
المتضخمة القلقة حول آفاق العالم الجديدة : كيف ؟ لماذا؟ وإلى أين؟ التي وحدت مصير الإنسانية في هدف واحد وأوحد هو
السيطرة على الوباء ، ووقف تهديده للبشرية ، والحد من سطوة تداعياته ومخلفاته المؤثرة
في الإنسان، والتي جعلته ضغوطاتها وصعوباتها وتحدّياتها يكفر بالعديد من عاداته ومبادئه
وطرق تفكيره والمحفوظات التي طالما رددها حول
الأخلاقيات والمثل التي زخرت بها أمثاله وحكمه وقواعده المجتمعية الخالدة ، واضطرته
للكفر بالعديد من الآراء الفقهية المختلفة والمتباين المفروضة من طرف رجال الدين ،
كواسطة إنسانية مادية بينه وبين النص التشريعي.
الظاهرة التي بدأ
ضهورها بقوة في ظل النظام العالمي الرقمي ، الذي بدأت تختفي معه معالم الهيمنة النفسية
والسياسية والإقتصادية والاجتماعيه ، للمسلمات العقائدية البشرية ، والتي ازدادت حدتها
مع انتشار الجائحة العالمية ، التي عرضت غالبية المبادئ والقيم الإنسانية والعقادية الى أكبر هزة في تاريخها ، بما أحدثته من تغييرات
جذرية ، أدت إلى خلخلة موروثات معتقديها التقليدية ، وزعزعت ثقافاتهم وعاداتهم وطرق
تفكيرهم ، وأفقدتهم الثقة في رجال الدين ، الذين وجدوا أنفسهم معهم محرومين من تلقي
الأوامر من النص مباشرة ، ومن الإمتثال المباشر لأوامر ربها ، والتواصل معه عبر علاقة
فردية روحية لا تحتاج لوساطة..
ما جعل الإنسان
يدور حول نفسه -كما تدور رحى الطاحون- حائرا عاجزا أمام الأسئلة القلقة التي تفرضها
ما قد تحمله الأيام القادمة في طياتها مما لا تتوقعه البشرية من الأفاعيل المفاجئة
لكورونا أمثال: هل يمكن أن يكون ما نشهده اليوم
مدخلا لنهاية الوجود المادي للتدين ، أي علمنته وتحويله الى قيم روحية ؟ وهل هي بداية
إلغاء سلطة ووساطة رجال الدين ؟
الفرضية التي أصبحت
أكثر واقعية مما سبق قبل دائحة كورونا ، حيث تحول الإيمان مادي(الطقوس الدينية ) في
دور العبادة الى عبادة رقمية خالية لوجود الله في كل مكان ، ولعدم سقوط أجرها -كما تقتضي آداب أحكام الشرع – إن هي أُدّيت عن
بعد وفي
البيوت، الذي فرضته إجراءات الاحتراز من الوباء وما أوجبه من منع للتجمعات المنذرة
بخطر العدوى المهددة للحياة على المتدينين من خلال البرامج التكنولوجية التي استطاعت
نقل المشاعر الإنسانية الى العالم الرقمي ، ودمج أحاسيسها الواقعية بالعالم الإفتراضي
، الذي أصبح يمثل فيه الذكاء الاصطناعي الواقع الحقيقي المسيطر على مصائر الناس في
كل مجالات الحياة، معززا بما انتجه الإنسان نفسه عبر الشركات الكبرى : الفيسبوك وامازون
وابل وغوغل وسامسونج ومايكرسوفت والهواتف الذكيه .
ملاحظة: لا أجد
غضاضة في أداء الطقوس الدينية - الصلوات الخمس والتراويح وصلاة عيد الفطر- في البيت
حيث يوجد الله في كل مكان ، أعتبر ذلك فرصة لتنزيه العبادات من الرياء والتباهي الذي
لوثها به من لا يفهمون من الدين غير التشدد .